للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يا بنيّ كان الشافعيّ كالشمس للدنيا وكالعافية للناس.

حجّ أحمد حجّات رافق في بعضها يحيى بن معين. واتّفقا على أنّهما بعد انقضاء الحجّ يمضيان إلى صنعاء اليمن يأخذان الحديث عن عبد الرزّاق (١) فوجداه في الطواف. فلمّا فرغ اجتمعا عليه، وكان أحمد لا يعرف شخصه وإنّما يعرفه باسمه، فقال له يحيى بن معين: هذا أخوك أحمد بن حنبلفقال: حيّاه الله! إنّه ليبلغني عنه كلّ ما أسرّ به ثبّته الله تعالى على ذلك! ثمّ واعد يحيى الشيخ على القراءة. فلمّا انصرفا عنه قال أحمد لابن معين: لم أخذت على الشيخ الموعد؟

فقال له يحيى: قد أراحك الله مسيرة شهر ورجوع شهر والنفقة. فقال الإمام أحمد: ما كان الله ليراني وقد نويت نيّة أفسدها بما تقول! ثمّ سافرا إلى صنعاء اليمن وأخذا عنه بها.

وصحّ عن الإمام أحمد أنّه قال: ما كتبت حديثا إلّا وقد عملت به، حتّى مرّ بي أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم احتجم وأعطى أبا طيبة الحجّام دينارا، فاحتجمت وأعطيت الحجّام دينارا.

[[أولاد ابن حنبل]]

وأمّا أولاده فأكبرهم صالح، وكنيته أبو الفضل: ولد سنة ثلاث ومائتين، وروى عن أبيه وأبي الوليد الطيالسي وعليّ بن المدينيّ، وروى عنه ابنه زهير، والبغويّ، ومحمّد بن مخلد، وولي قضاء أصبهان، وهو من زوجته عبّاسة بنت الفضل. توفّي سنة خمس وستّين ومائتين.

وعبد الله، وكنيته أبو عبد الرحمن، سمع من أبيه وأكثر عنه، ومن عبد الأعلى بن حمّاد

ويحيى بن معين، ومن أبي بكر بن أبي شيبة وخلق كثير. قال الذهبيّ: كان إماما خبيرا بالحديث وعلله مقدّما فيه. ولمّا مرض قال:

ادفنوني بالقطيعة (٢) فقيل له: ألا تدفن عند أبيك- يعني: بمقبرة باب حرب-؟ فقال: صحّ عندي أنّ بالقطيعة نبيّا مدفونا، ولأن أكون في جوار نبيّ أحبّ إليّ من أن أكون في جوار أبي. وكانت وفاته في سنة تسعين ومائتين، وسنّه سبع وسبعون سنة كأبيه.

وللإمام أحمد ولد اسمه سعيد من سرّيّة يقال لها حسن، ولي قضاء الكوفة. وله منها ولد اسمه محمّد وآخر اسمه الحسن، وله منها بنت اسمها زينب وله منها ولدان توأمان أحدهما الحسن والآخر الحسين وماتا بالقرب من ولادتهما. وله بنت اسمها فاطمة، والله أعلم.

قال البخاري: لمّا امتحن أحمد بن حنبل كنت بالبصرة فسمعت أبا الوليد الطيالسيّ يقول: لو كان الذي نزل بأحمد في بني إسرائيل لكان أحدوثة.

[٢ أ] فصل في بشارة النبيّ صلّى الله عليه وسلم له بالمحنة قبل وقوعها بسنتين على لسان الإمام محمد بن إدريس الشافعيّ رضي الله عنه

كان الإمام الشافعيّ رضي الله عنه لمّا دخل مصر رأى النبي صلّى الله عليه وسلم في المنام وأخبره أنّ الإمام أحمد سيمتحن. قال الربيع بن سليمان: فكتب الشافعيّ على يدي كتابا إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل. ثمّ قال لي: يا أبا سليمان، انحدر بكتابي هذا إلى العراق ولا تقرأه. فأخذت الكتاب وخرجت من مصر حتى قدمت العراق فوافيت


(١) عبد الرزّاق بن همّام الحميريّ عالم اليمن (ت ٢١١):
أعلام النبلاء ٩/ ٥٦٣ (٢٢٠).
(٢) القطيعة محلّة ببغداد في مقابر باب التبن (ياقوت): أعلام النبلاء في ترجمة عبد الله بن أحمد ١٣/ ٥١٦ (٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>