للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المدبّر إلى ابن طولون. فكتب فيه ابن المدبّر إلى الحضرة. وبلغ ذلك ابن طولون فأسرّها في نفسه.

وأقرّ ابن طولون على الشرط يولغا (١) ثمّ صرفه لاثنتي عشرة بقيت من شوّال سنة أربع وخمسين، وجعل مكانه توران (١) التركيّ، فاستخلف محمد بن استنباذ (١) وكان توران ربّما صلّى بالناس في المسجد الجامع.

ثمّ خرج محمد بن أحمد (٢) بن عبد الله بن طباطبا، المعروف ببغا الأصغر، فيما بين الإسكندريّة وبرقة في جمادى الأولى سنة خمس وخمسين، وسار في جموعه إلى الصعيد. فقتل في محاربة بهم بن الحسين. ثمّ صرف توران وولّى على الشرط موسى بن طولون (٣). فلمّا خلع المعتزّ في شعبان سنة خمس وخمسين وبويع المهتدي بالله قتل بايكباك، وردّ جميع ما كان بيده إلى يارجوخ التركي حمي أحمد بن طولون.

فكتب إلى أحمد بن طولون أن «تسلّم من نفسك لنفسك»، وزاده الأعمال الخارجة عن قصبة مصر بأسرها، وكتب إلى إسحاق بن دينار، وهو يتقلّد الإسكندريّة، أن يسلّمها إليه. فعظمت منزلته. ثمّ كتب إليه بالخروج إلى عيسى بن الشيخ بن السليل الشيباني والي فلسطين والأردنّ لمّا تغلّب على دمشق. ففرض أحمد بن طولون فروضا واتّخذ السودان فأكثر، وخرج إليه لستّ خلون من جمادى الآخرة سنة ستّ وخمسين ومائتين، ورجع من الطريق بكتاب ورد عليه من العراق، فدخل الفسطاط لأيّام خلت من شعبان، وبعث إلى عيسى بن الشيخ بقائد يقال له ماجور التركيّ

فحاربه وهزمه وقتل ابنه منصورا وتسلّم أعمال الشام.

[[استقلاله التدريجي بالحكم]]

ومات المهدي [في رجب. وشرع أحمد بن طولون] في بناء الميدان في شعبان، وكان في موضعه قبور اليهود والنصارى، فأمر بها فخرّبت وبنى مكانها. وقدم عليه ابناه العبّاس وخمارويه من مكّة أوّل سنة سبع وستّين. وورد عليه كتاب يارجوخ بتسلّم الأعمال الخارجة عن يده من أرض مصر، فتسلّم الإسكندريّة من إسحاق بن دينار، وخرج إليها لثمان خلون من رمضان فاستخلف على الفسطاط كيغلغ. ثمّ قدم من الإسكندريّة لأربع عشرة بقيت من شوّال. وخرج إليها ثانيا لثمان بقين من شعبان سنة تسع وخمسين واستخلف ابنه العبّاس. وعاد لثمان خلون من شوّال. وأمر ببناء المسجد الجامع على الجبل، وبناء المارستان للمرضى، فبني لهم.

وورد عليه كتاب المعتمد يستحثّه في حمل الأموال. فكتب إليه: لست أطيق ذلك، والخراج بيد غيري- فأنفذ المعتمد نفيسا الخادم إليه بتقليده الخراج بمصر وبولايته على الثغور الشاميّة، فتسلّم أرض مصر، وخراجها ثمانمائة ألف دينار ديوانيّة، فأقرّ أحمد أبا أيّوب أحمد بن محمد بن شجاع على الخراج خليفة له عليه.

وضجّ أهل الثغور من ولاتهم، فعقد لطخشي [بن بليزد] على طرسوس في جمادى الأولى سنة أربع وستّين.

وتقدّم أبو أحمد الموفّق إلى موسى بن بغا [أن يصرف أحمد عن مصر ويردّها] إلى ماجور، وهو والي دمشق يومئذ، فتوقّف ماجور لعجزه عن مقاومة ابن طولون. فخرج موسى بن بغا إلى الرقّة فبلغ ابن طولون أنّه سائر إليه لمحاربته، فبنى أحمد حصن الجزيرة ليحصّن فيه ماله وحرمه،


(١) الكندي ٢١٢: بولغيا وبوزان وإسبنديار.
(٢) أحمد بن محمد عند الكنديّ ٢١٢.
(٣) ابن طونيق عند الكندي ٢١٥. وقد تداول الشرط هو وموسى بن طولون.

<<  <  ج: ص:  >  >>