للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسمع من أبي بحر سفيان بن العاص، وعبد العزيز بن عبادة [الجيّاني].

وقدم مصر حاجّا فقرأ على ابن الفحّام، وأبي بكر بن عبد الجليل، وأبي محمد عبد الله بن عمر العرجاء إمام المقام.

وكان من أصحاب ابن نفيس، وعبد الباقي بن فارس، فبرع في القراءات ورأس فيها، مع الصلاح والزهد والجهاد.

قرأ عليه أبو بكر محمد بن حسنون [البيّاسيّ] وغيره.

توفّي بعد الأربعين وخمسمائة، وقد شاخ.

١٤٩٣ - عبد الله بن دسومة (١) [- قبل ٢٧٠]

[١٦٠ أ] أقامه أحمد بن طولون أمينا على أبي أيّوب أحمد بن محمد بن شجاع (١) لمّا أقرّه على الخراج من قبله، وجعل نعيما المعروف بأمين الذويب عينا عليهما.

وكان عبد الله شهما واسع الحيلة بخيل الكفّ زاهدا في شكر الشاكر يرى أنّ الثناء ممّن يعمل معه الجميل إنّما هو حيلة من القاصد على المقصود لينال بها ما يريده. وكان لا يهشّ إلى شيء من أعمال البرّ. وكان فيه مع هذا سعاية، فمقته الناس وكثر الدعاء عليه.

وكان أحمد بن طولون رقيبا على نفسه يتصدّق في إثر الإساءة إذا جرت منه إلى أحد بصدقات جليلة ويتضرّع إلى الله تعالى في تمحيص ما جناه، وكان بذلك يوقّى ويكفى وينصر.

فلمّا ورد عليه كتاب أمير المؤمنين المعتمد على الله بردّ الخراج إليه وزاده خراج الثغور

الشاميّة رغب بنفسه عن أدناس المعاون ومرافقها فأمر بتركها وكتب بإسقاطها في سائر الأعمال، ومنع المتقبّلين من الفسخ على المزارعين، وحظر الارتفاق على العمّال. وكان قبل إسقاط المرافق بمصر قد شاور عبد الله بن دسومة في ذلك فقال:

إن أمّنني الأمير تكلّمت بما عندي.

فقال: قد أمّنك الله عزّ وجلّ.

فقال: أيّها الأمير، إنّ الدنيا والآخرة ضرّتان، والحازم من لم يخلط إحداهما مع الأخرى.

والمفرّط من خلط بينهما فتتلف أعماله ويبطل سعيه. وأفعال الأمير أيّده الله [أفعال] الخير، وتوكّله توكّل الزهّاد. وليس مثلك من ركب خطّة لم يحكمها. ولو كنّا نثق بالنصر دائما طول العمر لما كان شيء آثر عندنا من التضييق على أنفسنا في العاجل لعمارة الآجل. ولكنّ الإنسان قصيرالعمر كثير المصائب مدفوع إلى الآفات. وترك الإنسان ما قد أمكنه وصار في يده تضييع. ولعلّ الذي حماه نفسه يكون سعادة لمن يأتي بعده فيفوز ذلك بما قد حرمه هو. ويجتمع للأمير أيّده الله ممّا قد عزم على إسقاطه من المرافق في السنة بمصر دون غيرها مائة ألف دينار. وإن فسخ ضياع الأمراء والمتقبّلين في هذه السنة لأنّها سنة ظمإ توجب الفسخ زاد مال البلد وتوفّر توفيرا عظيما ينضاف إلى مال المرافق، فضبط به الأمير أيّده الله أمر دنياه. وهذه طريقة خدمة الدنيا وإحكام أمور [١٦٠ ب] الرئاسة والسياسة. وكلّ ما عدل إليه الأمير أيّده الله من غير هذا مفسد لدنياه. وهذا رأيي، والأمير أيّده الله على ما عساه يراه.

فقال له أحمد بن طولون: ننظر في هذا إن شاء الله.

وشغل قلبه كلام ابن دسومة فبات في تلك الليلة بعد أن مضى أكثر الليل يفكّر في كلامه.


(١) الخطط ٢/ ٢٦٦ (ابن دسومة)، و ٢/ ٢٥٠ (أبو أيّوب ابن الشجاع) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>