للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأمراء منهم طائفة، فأخذ الأمراء الألوف كلّ أمير عشرة، وكلّ أمير من أمراء الطبلخاناه خمسة، وكلّ أمير من أمراء العشرات رجلين. واستخدم أيضا عدّة من الغزاة المطوّعة وأذن للأمير ناصر الدين ابن الشيخيّ أن يجمع الأموال، فأخذ من التجّار وغيرهم مالا جزيلا. فما أهلّ جمادى الأولى إلّا وقد تجهّز عسكر كثير، وغصّت القاهرة ومصر وظواهرهما بعالم عظيم ممّن قدم من البلاد الشاميّة، بحيث ضاقت عنهم المساكن ونزلوا بالقرافة وحول جامع ابن طولون وعمرو، ونزلوا بأطراف الحسينيّة. ومنّ الله مع ذلك برخاء الأسعار، فنزل القمح من ثمانية عشر كلّ إردبّ إلى ثلاثة عشر، والشعير من عشرة دراهم إلى ثمانية، والفول من ثمانية دراهم إلى ستّة. ونفقت الأموال في العساكر فأخذ كلّ فارس أربعين دينارا، وحمل إلى كلّ أمير من أمراء مصر والشام مال على مقداره فانحطّ الذهب إلى سبعة عشر درهما الدينار بعد أن كان بخمسة وعشرين درهما.

[[رجوع غازان عن الشام]]

فبينما هم في ذلك إذ ورد الخبر برحيل غازان عن بلاد الشام وعوده إلى بلاده، فسرّ الناس بذلك. وكتب إلى الأمير قبجق وبكتمر السلاح دار والبكي بالدخول في الطاعة، فعادت أجوبتهم بالسمع والطاعة. ثمّ خرجوا من دمشق في ثامن رجب يريدون مصر. فاستولى الأمير أرجواش نائب القلعة على مدينة دمشق وأعاد الخطبة للملك الناصر في يوم الجمعة سابع عشره بعد انقطاع اسمه من الخطبة بدمشق مائة يوم، وأبطل ما تجدّد من المنكرات.

ونودي بالقاهرة على العساكر أن تخرج إلى بلاد الشام، وهدّد من تأخّر بالقتل، وأن يكون سعر الدينار بعشرين درهما. وركب السلطان من قلعة الجبل في تاسع رجب [سنة ٦٩٩] وسار إلى الصالحيّة وأقام بها. وتقدّم الأميران بيبرس وسلّار بالعساكر يريدان دمشق في ثاني عشرينه، فلقيهم قبجق والأمراء فيما بين غزّة وعسقلان، فسلّم على الأمراء ومضى حتى لقي السلطان بالصالحيّة، فسار [السلطان] إلى قلعة الجبل فقدمها في يوم السبت رابع عشر شعبان.

وقدم الأمير قراسنقر المنصوريّ [٨٩ ب] نائب حلب بعساكرها إلى دمشق في حادي عشر شعبان، وكان قد ولي نيابة حلب عوضا عن بلبان الطبّاخيّ، وأقام الطبّاخيّ في جملة الأمراء بمصر على إقطاع آقسنقر كرتاي بعد موته.

ثمّ قدم أسندمر كرجي نائب طرابلس بعساكرها وقد ولي نيابة طرابلس عوضا عن قطلوبك في ثاني عشره. وقدم الأمير بكتاش الفخري بميسرة العساكر في ثالث عشره. وقدم بعده حسام الدين لاجين أستادار بالميمنة. ثمّ قدم الأمير بيبرس والأمير سلّار بالمماليك السلطانيّة ومعهما العادل كتبغا وقد استقرّ في نيابة حماة بعد قراسنقر المنتقل لنيابة حلب، ومعهما الأمير كراي المنصوريّ نائب صفد.

[[رجوع الشام إلى طاعة الناصر]]

فرتّب الأميران بيبرس وسلّار أمور ممالك الشام، وبعثا كلّ نائب بعسكره إلى معاملته (١)، وألزم مشايخ العشير من قيس ويمن بإحضار ما نهب للعسكر وأهل البلاد.

وخرج الأميران بعسكر مصر من دمشق في يوم السبت ثامن رمضان فوصلا إلى ظاهر القاهرة يوم الثلاثاء سادس شوّال، وخرج السلطان للقائهما فكان يوما مشهودا.


(١) في السلوك ١/ ٩٠١: واستقرّ كلّ نائب في نيابته.
والمعاملة تعني الولاية أو الإقطاع ولعلّها عمالنه، أي موضع الجباية.

<<  <  ج: ص:  >  >>