للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأمراء والمماليك. فعارضه سيف الدين طغجي وعلاء الدين آي دغدي شقير، ومضيا به [إلى] القاعة الصالحيّة فاعتقل بها. وأحضرت إليهزوجته. ولم يزل في الاعتقال حتى مات في تاسع عشر شوّال سنة ثمان وتسعين وستّمائة. وأخرج من القلعة ودفن بتربته خارج باب النصر.

[[نماذج من كرمه]]

وكان شجاعا كريم النفس عالي الهمّة حشما فخورا. وكان مفضلا على مماليكه بحيث كان فيهم من له عليه في كلّ يوم مائة رطل لحما راتبا.

ومنهم من راتبه نصف قنطار لحما. وأقلّ راتب مماليكه عليه في اليوم خمسة أرطال لحم. وفيهم من له عليه في كلّ يوم راتبا ستّون عليقة لخيله.

وما منهم إلّا من له عليه في مرتّبه السكّر وتوابل الطعام. وكان عليق دوابّه لخاصّة نفسه في كلّ يوم ثلاثة آلاف عليقة. وراتب سماطه ثلاثة آلاف رطل لحم. وينعم بالألف دينار وبالخمسمائة دينار، وأقلّ إنعامه مائتا دينار.

ولمّا فرّق الأمير زين الدين كتبغا نائب السلطنة المماليك السلطانيّة على الأمراء، كانت حصّته ستّين مملوكا نزلوا من القلعة في خدمته إلى إسطبله. فجلس على ثوب السرج وعرض خيله وأعطى كلّا منهم فرسين وبغلا، حتى عمّهم بذلك. وركب من فوره وعاد إلى القلعة.

وشكا إليه أستاداره مرّة قلّة الحاصل عنده وعرّض له بالاقتصاد وتقليل العطاء، فغضب عليه وعزله وقال: لا ترني وجهك بعدها! .

ولمّا عمّر داره المعروفة بقصر بيسريّ من خطّ بين القصرين بالقاهرة في الأيّام الظاهريّة بيبرس بالغ في إتقانها وأكثر من المعروف فيها، ولم يكن هذا من عادة أمراء مصر يومئذ، فلامه السلطان على ما فعله وقال له: يا أمير، ماذا خلّيت للبيكار؟ (١) فقد أنفقت مالك جميعه في عمارة دار! .

فقال: خلّيت للبيكار صدقات السلطان. والله ما عمّرت هذه الدار إلّا حتى يقال في بلاد العدوّ:

إنّ بعض مماليك السلطان عمّر دارا غرم عليها أموالا عظيمة.

فأعجب السلطان قوله وأنعم عليه بألفي دينار.

ولم يعرف عنه قطّ أنّه شرب في كوز واحد مرّتين، لكنّه إذا شرب منه لم يعاوده، وجدّد له غيره.

وكان من أحسن الناس وأعرفهم بالفروسيّة.

ومقاماته في الغزوات مذكورة، ولم ير في زمانه [٢٨٠ أ] أكرم منه، ولا يزال عليه دينا أربعمائة ألف درهم فصاعدا، فكلّما أدّى ما عليه من الدّين استدان شيئا آخر لكثرة عطائه، ولا تجاسر أحد على لومه في ذلك من خواصّه، وضرب جماعة بهذا السبب. ومات، وعليه زيادة على أربعمائة ألف درهم أدّيت من ثمن موجوده.

١٠١٧ - بيغجار [الساقي] الناصريّ [- ٧٣١] (٢)

كان من أمراء الطبلخاناه في زمن الناصر محمد بن قلاوون. ومات في ربيع الأوّل سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة.


(١) البيكار: الحرب (دوزي)، وهنا: نفقتها.
(٢) السلوك ٢/ ٣٣٨ وهو فيه: بغجار الساقي. والدرر ٢/ ٤٨ (١٣٩٧) وهو فيها: بيغجار الساقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>