للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فخذوا بسنّته ودعوا قولي، فإنّي أقول بها.

[تقوى الشافعيّ وتعبّده]

قال الربيع: وقف بعض الصالحين على باب الشافعيّ، فقال: يا ربّ الدار، تصدّق علينا بما لا يتعب ضرسا، ولا يؤلم نفسا.

فأمر له فأخرج إليه طعام، ثمّ قال: حاجتي إلى كلامك أشدّ من حاجتي إلى طعامك. إنّي طالب هدى، لا طالب ندى.

فأمر بإدخاله إليه فسأله عن مسألة من المسائل فأجابه وأفاده، فخرج وهو يقول: علم أوضح لبسا خير من مال أغنى نفسا.

فقال الشافعيّ: ما رأيت أعقل من هذا الرجل، بارك الله فيه!

*** وعن عبد الله بن محمد بن العبّاس بن عثمان بن شافع الشافعيّ: جلس محمّد بن إدريس الشافعيّ يوما في حلقة، فجاءه غلام حدث فسأله عن مسألة فأجابه فليها. ثمّ سأله عن أخرى فأجابه، فقال له: أخطأت يا أبا عبد الله!

فأطرق الشافعيّ طويلا ثمّ رفع رأسه وقال له:

أخطأت يا ابن أخي ما في كتابك. فأمّا الحقّ فلا!

*** وعن المزنيّ قال الشافعيّ: الرجل من أحرز دينه وضنّ به. (قال): رأيت الشافعيّ يضنّ بدينه.

*** وقال ابن بنت الشافعيّ: حدّثنا عمّي أو غيره أنّ محمّد بن إدريس كانت له ذؤابة وهو شابّ، فكان يربطها بالليل ويصلّي، فإذا نعس جذبته.

*** وقال الربيع: كان الشافعيّ قد جزّأ الليل ثلاثة أثلاث: الثلث الأوّل يكتب، والثالث الثاني يصلّي، والثالث الثالث ينام.

وقال الكرابيسيّ: بتّ مع الشافعيّ فكان يصلّي نحو ثلث الليل، وما رأيته يزيد على خمسين آية، فإذا أكثر فمائة. وكان لا يمرّ بآية رحمة إلّا سأل الله لنفسه وللمؤمنين أجمعين، ولا يمرّ بآية عذاب إلّا تعوّذ بالله منه وسأل النجاة لنفسه ولجميع المؤمنين، فكأنّما جمع له الرجاء والرهبة معا.

*** قال الخطيب: قد كان الشافعيّ بأخرة يديم التلاوة ويدرج القراءة. فذكر بسنده عن الربيع:

كان الشافعيّ يختم في كلّ ليلة ختمة، فإذا كان شهر رمضان ختم في كلّ ليلة منها ختمة، وفي كلّ يوم ختمة، فكان يختم في شهر رمضان ستّين ختمة.

وفي رواية: كان الشافعيّ يختم القرآن في شهر رمضان ستّين مرّة، كلّ ذلك في صلاة.

وقال البويطيّ: [كان] يختم القرآن في كلّ [١٦٥ ب] يوم مرّة.

وفي رواية: كان للشافعيّ في كلّ شهر ثلاثون ختمة، وفي شهر رمضان ستّون ختمة، سوى ما يقرأ في الصلاة.

(قال): وكان يحدّث وطست تحته. فقال يوما: اللهمّ إن كان لك فيه رضى فزد! (قال):

فبعث إليه إدريس بن يحيى المعافريّ: لست آمن رجال البلاء، فسل الله العافية.

وفي رواية: كان الشافعيّ لا يصلّي مع الناس التراويح، لكنّه كان يصلّي في بيته، ويختم في رمضان ستّين ختمة ليس فيها سورة إلّا في

<<  <  ج: ص:  >  >>