قلت: غلام.
فغشي عليها، ولو لم أقطّع الحروف لماتت الفاسقة فرحا.
*** وتغدّى أشعب مع زياد الحارثيّ، فجيء بصحفة فيما مضيرة، فقال أشعب للخبّاز: ضع ذلك بين يديّ.
فقال زياد: من يصلّي بأهل السجن؟
فقالوا: ليس لهم إمام.
فقال: أدخلوا أشعب يصلّي بهم.
فقال أشعب: أو خير من ذلك؟
قال: وما هو؟
قال: أحلف أن لا آكل مضيرة أبدا!
*** وصلّى أشعب يوما إلى [٢٠٥ أ] جانب مروان بن أبان بن [٩٣/ أ] عثمان. وكان مروان عظيم العجز، فما لبث أن أفلتت منه الريح عند نهوضه، لها صوت. فانصرف أشعب من الصلاة يوهم الناس أنّه هو الذي خرجت منه الريح. فلمّا انصرف مروان إلى منزله جاءه أشعب فقال له: الدية!
قال: دية ماذا؟
قال: الضرطة التي تحمّلتها- ولم يدعه حتى أخذ منه.
*** ورؤي أشعب، وقد علّق رأس كلب وهو يضربه ويقول: تنبح للهديّة وتبصبص للضيف!
[[احتياله على جعفر الصادق]]
وغذّى أشعب جديا بلبن أمّه وغيرها حتى بلغ غاية، وقال لزوجته: أحبّ أن ترضعيه بلبنك.
ففعلت. ثم جاء به إلى إسماعيل بن جعفر الصادق فقال: حبوتك به ولم أجد من يستأهله سواك.
فنظر إسماعيل إلى الجدي فأعجبه. فأمر به فذبح وسمط.
ثم دخل أشعب على جعفر الصادق بن محمد [الباقر] واندفع يشهق حتى التفّت أضلاعه، ثم قال: أخلني!
قال: ما معنا أحد.
قال: وثب ابنك إسماعيل على ابني فقتله وأنا انظر إليه.
فارتاع جعفر وقال: ويحك! وفيم قتله؟ وتريد ماذا؟
قال: والله ما لي في إسماعيل حاجة، ولا يسمع هذا سامع أبدا بعدك.
فجزاه خيرا، وقام فدخل منزله وأخرج له مائتي دينار وقال: خذ هذه ولك عندي ما تحبّ.
وخرج جعفر إلى ابنه إسماعيل فإذا به مسترسل. فلمّا رأى وجه أبيه نكره وقام إليه، فقال: يا إسماعيل أو فعلتها بأشعب وقتلت ولده؟
فضحك إسماعيل وقال: جاءني بجدي من صفته وخبره وأخبره بما كان منه. فقال جعفر لأشعب: رعتني راعك الله!
فقال: روعتي في الجدي أكثر من روعتك في المائتي دينار.
وقالت امرأة لأشعب: هب لي خاتمك أذكرك به.
فقال: اذكريني بأنّي منعتك فهو أحبّ إليّ.
*** ورآه رجل يقلّب مالا كثيرا، فقال له: ويحك، ما هذا؟ ولعلّك أن تكون أيسر من الذي يعطيك؟