للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنه من الاعتقال، ثمّ أعيد إلى الاعتقال من غد، فأقام زيادة على عشرين يوما.

فلمّا ولي الأمير جمال الدين آقوش نائب الكرك دمشق، وصل إليه مرسوم بإعفائه من الوزارة واستقراره في وكالة السلطان. فسار إلى القاهرة.

وعاد منها بعد شهر إلى دمشق، ومعه كتاب السلطان بأنّه باق على وكالته، وأنّ القضاة يحترمونه ويسمعون كلامه، والإنكار لما ثبت عليه في أيّام اعتقاله. ثمّ خلع عليه في سابع عشرين ذي الحجّة سنة أربع عشرة وسبعمائة باستقراره على نظر الخاصّ بدمشق.

وتوفّي يوم [ ... ] سادس ذي الحجّة سنة تسع وثلاثين وسبعمائة.

وكان رئيس الشام وعلم أعيانها وعين أعلامها، ذا رأى وبصيرة ومكارم وتجارب قد عركته الحوادث، وقالب (١) الدول وعرف ترتيبها مع الحزم والهمّة والخبرة والذكاء والمعرفة ورصانة العقل وتحرّي الصواب وكثرة المهابة والحرمة والوجاهة بمصر والشام، بحيث لا تردّ شفاعته [٤٧٦ ب] ولا مراسمه، ولا يتخطّاه أحد في مجلس فيجلس فوقه.

وكانت سعادته عظيمة وأمواله جمّة، ما بين صامت وناطق وعقار. وأنشأ ناسا كثيرا وقدّمهم في الخدم وغيرها.

١٢٧٩ - ابن أبي الجنّ الحسينيّ [٣٦٩ - ٤٣٤] (٢)

حمزة بن الحسن بن العبّاس بن الحسن بن أبي الجنّ بن عليّ بن محمد بن علي بن محمد بن

عليّ بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الشريف، القاضي أبو يعلى، فخر الدولة، ابن أبي محمد، الحسينيّ، المعروف بابن أبي الجنّ.

ولد في المحرّم سنة تسع وستّين وثلاثمائة.

وسمع أبا عبد الله الحسين بن عبد الله ابن أبي كامل في سنة سبع وأربعمائة. وولي النقابة بمصر.

وولي قضاء دمشق بعد أبي الحسن سلمان بن علي بن النعمان من قبل أمير المؤمنين الظاهر لإعزاز دين الله أبي الحسن علي ابن الحاكم بأمر الله في [سنة ستّ عشرة] (٣) وأربعمائة، فجدّد بدمشق مساجد ومنابر وقنى. وأجرى الفوّارة التي في جيرون، وأنشأ قيساريّة عرفت بالفخريّة. ووجدت تذكرة صدقته في كلّ سنة سبعة آلاف دينار.

وفي ولايته نزل سنان بن علوان بالعرب على مدينة دمشق وحصرها حتّى ضيّق على أهلها في سنة خمس عشرة وأربعمائة، ثمّ ألزمهم بثلاثين ألف دينار يقومون له بها. فمنعهم [القاضي أبو يعلى] من ذلك، وجمع المال المذكور وأنفقه في قتال سنان، وحلّف الناس على القيام معه. وهدم دروب (٤) البلد وحملها إلى الجامع خشية امتناع الناس بدروبهم (٤) وتركهم القتال. ثمّ زحف بالناس وقاتل العرب قتالا شديدا قتل فيه منهم نحو المائتين، وأصيب سنان بسهم. فطلب الصلح على ترك الحرب أربعين يوما. فخرج إليه الشريف ومعه شيوخ دمشق ووجوه الجند، وحلّفه وحلّف أعيان من معه من العرب، وعاد.

فبعث حسّان بن الجرّاح يوبّخ سنانا على مصالحته ويحثّه على محاربة أهل دمشق. فعاد إلى


(١) هكذا في المخطوط، ولعلّها تعني: مارس الوظائف وتقلّب فيها.
(٢) الوافي ١٣/ ١٨٤ (٢١٤) الكندي، ٥٠٠ - اتّعاظ ٢/ ١٥٦ - شذرات ٤/ ٨.
(٣) الزيادة من مختصر ابن منظور ١/ ٢٦٥.
(٤) الدروب الأولى هي الحواجز المانعة من المرور، والدروب الثانية هي الأزقّة الضيّقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>