للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كنيسة مريم من دمشق وأجرى عليهم بأمر [٢٣ أ] عثمان ما كان يجرى عليهم بالعراق، وجعل لا يتغدّى ولا يتعشّى إلّا معهم مدّة.

[[منابذتهم معاوية]]

ثمّ نافروه فأخرجهم وكتب إلى عثمان: إنّه قدم عليّ أقوام ليست لهم عقول ولا أديان، أثقلهم الإسلام، وأضجرهم العدل، لا يريدهم الله بشيء، ولا يتكلّمون بحجّة، إنّما همّهم الفتنة وأموال أهل الذمّة. والله مبتليهم ومختبرهم، ثمّ فاضحهم ومخزيهم. وليسوا بالذي ينكون أحدا إلّا مع غيرهم، فانه سعيدا ومن قبله عنهم، فإنّهم ليسوا لأكثر من شغب أو نكير.

فخرجوا من دمشق وقالوا: لا ترجعوا إلى الكوفة فإنّهم يشمتون بكم. وميلوا بنا إلى الجزيرة.

وسمع بهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وهو على حمص من قبل معاوية، فدعا بهم وأسمعهم كلاما عند ما قدموا عليه أمضّهم به، وجعل كلّما ركب أمشاهم وأنّبهم فيقولون: نتوب إلى الله، أقلنا أقالك الله.- فما زالوا به حتّى قال:

تاب الله عليكم.

وسرّح الأشتر إلى عثمان، فقدم عليه تائبا نادما، قد نزع عن أصحابه، فقبله وخيّره أين يقيم، فاختار عبد الرحمن بن خالد، فسرّحه إليه. فأتاه وأقام عنده حتى خرج يزيد بن قيس إلى مسجد الكوفة يريد خلع عثمان رضي الله عنه- وقد قدم سعيد على عثمان وخلت الكوفة من الأعيان- فاجتمع إليه الذين كاتبهم ابن السوداء. وكتب إلى الأشتر وبقيّة من أخرج من الكوفة يدعوهم إليه، فدفع الكتاب إليه فسار في أصحابه، وطلبهم عبد الرحمن ففاتوه.

[[دخوله في الفتنة على عثمان]]

وقدم الأشتر الكوفة يوم الجمعة فقام بالمسجد، وقال: أيّها الناس، إنّي قد جئتكم من عند أمير المؤمنين عثمان بن عفّان، وتركت سعيدا يريده على نقصان نسائكم إلى مائة درهم، وردّ أهل البلاء منكم إلى ألفين ويقول: «ما بال أشراف النساء وهذه العلاوة بين هذين العدلين؟ » ويزعم أنّ فيئكم بستان لقريش. فقد سايرته مرحلة فما زال يرتجز بذلك حتى فارقته يقول:

ويل لأشراف النساء منّي ... صمحمح كأنّني من جنّ (١)

فاستخفّ الناس، وخرج يزيد بن قيس [ومعه الأشتر] (٢) يريدان عثمان في طلب أمير غير سعيد.

فلقيا سعيدا بالطريق، فقالوا: لا حاجة لنا بك! - فانصرف عنهم إلى عثمان. وبلغ الأشتر أنّ مولى لسعيد قال: والله ما كان ينبغي لسعيد أن يرجع! - فضرب عنقه. ومضى سعيد إلى عثمان فأخبره، فولّى الكوفة أبا موسى الأشعريّ.

ثمّ اجتمع بالكوفة الأشتر وزيد وصعصعة و [كعب] بن ذي الحبكة وأبو زينب وأبو [٢٣ ب] مورّع وكميل بن زياد وعمير بن ضابئ في آخرين، فقالوا: لا والله! لا يرفع بنا رأس، ما دام عثمان على الناس!

فقال عمير بن ضابئ وكميل بن زياد: فنحن نقتله، فركبا إلى المدينة وكان من خبرهما ما كان.

وقال الوليد بن عقبة يذكر رجالا من أهل الكوفة والبصرة [المتقارب]:


(١) الصّمحمح من الرجال: الشديد الغليظ القصير، والأصلع أيضا.
(٢) في المخطوط: الناس بن قيس وخرجا يريدان ...
والزيادة من الطبريّ ٤/ ٣٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>