للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٦٠ - الحسن بن الصبّاح [- ٥١٨] (١)

الحسن بن صبّاح، الرازي، رئيس الإسماعيليّة، المعروف بالكيّال.

كان رجلا شهما كافيا عالما بالهندسة والحساب والنجوم والسحر وغير ذلك، فمال إلى دعوة الباطنيّة وصار تلميذا لأحمد بن عبد الملك بن عطّاش الطبيب. وكتب للرئيس عبد الرزّاق بن بهرام بالريّ، فاتّهم أبو مسلم رئيس الريّ (٢) بدخول جماعة من المصريّين عليه، فخافه ابن الصبّاح وخرج من الريّ، فطلبه أبو مسلم فلم يدركه.

ومضى ابن الصبّاح فطاف في البلاد، فقدم إلى مصر سنة تسع وسبعين وأربعمائة في زيّ تاجر واجتمع بالخليفة المستنصر بالله، وحدّثه في إقامة دعوته ببلاد خراسان (٣)، فوصله بمال، وأقام عنده مدّة. فبلغه عنه ما أوجب اعتقاله، ثمّ أخرجه وأنعم عليه، وكتب له بخطّه جوابا عن مسائل سأله عنها على مذهب الإسماعيليّة.

وخرج من القاهرة إلى الشام والجزيرة وديار بكر وبلاد الروم، ورجع إلى خراسان ودخل كاشغر وما وراء النهر، وهو يطوف على الناس ويدعو إلى المستنصر وينشر الدعوة ببلاد الجبل وقزوين وأصبهان حتى شاعت. وسيّر دعائه ورسله إلى بلاد العجم وألقى عليهم مسائلهم التي منها:

لم كانت الأيّام سبعة؟

والبروج اثني عشر؟

والسماوات سبعا؟

والأرضون سبعا؟

والشهور اثني عشر؟

وفي كلّ كفّ من الإنسان خمس أصابع؟

وفي كلّ أصبع ثلاثة شقوق؟

وفي ظهر الإنسان اثنتا عشرة خرزة؟

وفي عنقه سبع خرزات؟

ونحو ذلك.

وادّعى أنّه استأثر من إمامه بغوامض علوم وبديع أسرار، وكانت الدعوة الإسماعيليّة هناك قديمة فقبلها كثير من الناس. وأخذ في ابتياع الأسلحة والعدد الحربيّة سرّا. وواعد أصحابه ممن استجاب له على ليلة عيّنها لهم من شعبان سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، والسلطان يومئذ ملكشاه ابن ألب أرسلان، وأخذ قلعة ألموت وهي بنواحي قزوين، ولها بلاد كثيرة بأصبهان وقلاع عديدة.

وكانت قديما قبل الإسلام وفي صدر الإسلام لملوك الديلم، وهي من الحصانة والمناعة [٣٥٣ أ] على غاية، لا ترقى الهمم إلى بلوغها وتحيط بها بحيرة. فبعث نظام الملك عسكرا إلى قلعة ألموت فحصر ابن الصبّاح إلى أن ضاق ذرعه بالحصر، فأرسل من قتل نظام الملك، فلمّا قتل رجع العسكر عنه.

ولمّا ملكها اجتمع باطنيّة أصبهان ونواحيها مع رئيس دعاتهم أحمد بن عطاش، وأخذوا قلعتين عظيمتين فعظم أمرهم وكثر عملهم بالسكّين.

وكان أوّل عملهم بالسكّين أنّ الحسن بن الصبّاح لمّا بثّ دعوته وصار معه طائفة أظهر التديّن


(١) اتّعاظ ٢/ ٣٢٣ و ٣/ ١٠٨، الأعلام ٢/ ٢٠٨، دائرة المعارف الإسلاميّة ٣/ ٢٦٠، الكامل لابن الأثير (سنة ٤٩٤)، الفخري لابن الطقطقا ٣٠٠.
(٢) في الكامل: وهو صهر نظام الملك.
(٣) في الكامل: وأمره أن يدعو الناس إلى إمامته.

<<  <  ج: ص:  >  >>