وقد تكامل الناس فقام كلّهم، [ولم يقم هو لأحد].
ثم قدم على قضاء دمشق بعد موت شمس الدين عبد الله بن محمد بن عطاء (١) في [جمادى الأولى] سنة ثلاث وسبعين وستّمائة، وهو بزيّ الوزراء فلم يعبأ بالمنصب ولا غيّر زيّه ولا وسّع كمّه.
ودرّس بعدّة مدارس بدمشق حتى مات في سادس عشر ربيع الآخر سنة سبع وسبعين وستّمائة.
ومن شعره، وكتبها إلى خاله عون الدين أبي المظفّر سليمان بن بهاء الدين أبي القاسم عبد المجيد بن الحسن بن عبد الرحمن ابن العجميّ الحلبي في حقّ الشيخ جمال الدين محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك الطائي الجيّانيّ النحويّ (الطويل):
أمولاي عون الدين يا من روى لنا ... حديث المعالي عن عطاء ونافع
بعيشك حدّثني حديث ابن مالك ... فأنت له يا مالكي خير شافع
وكتب إلى خاله عون الدين أيضا [البسيط]:
رحا المنون غدت بالقطب دائرة ... والصبر من بعده قد عزّ إلماما
فقلت للنفس: ما هذا الغرور؟ أما ... علمت حقّا بكون الكون أحلاما!
ولست آسى لخال كان لي حسن ... فإنّ لي الآن خالا جمّل الشاما
ومن نثره: فلا يفقد المولى صبرا جميلا إن فقد حسنة، لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب: ٢١].
١٤٦٠ - عبد الرحمن بن عمر بن الخطّاب [- ١٤]
[٤٦ أ] عبد الرحمن بن عمر بن الخطّاب بن نفيل بن عبد العزّى بن رباح بن عبد الله بن قرظ بن روّاح بن عديّ بن كعب، القرشي، العدويّ، أبو شحمة، ابن أمير المؤمنين أبي حفص الفاروق، وهو الأوسط.
قدم مصر، وحدّ بها في الخمر. قال ابن شهاب: حدّثني سالم بن عبد الله عن أبيه قال:
شرب أخي عبد الرحمن بن عمر، وشرب معه ابن عقبة بن الحارث شرابا فسكرا منه بمصر في خلافة عمر رضي الله عنه. فلمّا صحوا أتيا عمرو بن العاص وهو أمير بمصر فقالا: «طهّرنا! ». فذكر أخي أنّه سكر، فقلت: ادخل الدار أطهّرك.
فقال: قد حدّثت الأمير.
فقلت: لا والله، لا تحلق على رءوس الناس! (قال) - وكانوا يحلقون.
(قال) فحلقت أخي بيدي. وجلدهم عمرو.
فسمع بذلك عمر. فكتب إلى عمرو: ابعث إليّ عبد الرحمن على قتب!
ففعل. فلمّا قدم عليه جلده لمكانه منه ثمّ أرسله. فمكث شهرا صحيحا فأصابه قدره.
فحسب عامّة الناس أنّه مات من جلده.
وقال الشعبيّ: ضرب عمر ابنا له في حدّ، فأتاه وهو يموت فقال: يا أبت قتلتني.
فقال: إذا لقيت ربّك فأخبره أنّا نقيم الحدود.
قال ابن عبد البرّ: وأمّا أهل العراق فيقولون إنّه مات تحت سياط عمر، وذلك غلط.
قال الزبير بن بكّار: أقام عليه عمر حدّ الشراب، ومرض ومات. ويقال إنّ جلده كان في
(١) ابن عطاء الأذرعيّ قاضي الحنفيّة بدمشق من ٦٦٤ - الجواهر المضيئة، ٢/ ٣٣٦ (٧٢٩).