للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المفسدين، ومهّد بلاد الصعيد. وطالت أيّامه.

ثمّ استعفى من كشف الوجه القبليّ وطلب كشف الوجه البحريّ من أجل ضرر الحرّ بعينيه، فنقله إلى كشف الوجه البحريّ، وعمل الجسور، وثغر الإسكندرية وأعمالها. فأثخن في تلك النواحي وأوقع بأهل الفساد حتى أذعر الناس. هذا ورمد عينيه يتزايد حتى عمي في سنة اثنتين وأربعين. وأقام أعمى اثنتي عشرة سنة، منها مدّة سنتين لا يعلم أحد بعماه، بل يجلس للحكم ويتصرّف في الأحكام فيفهم من يحضر عنده من الأجناد والأمراء والعربان وغيرهم، ولا يشتبه عليه واحد بآخر، ويركب إلى كبس البلاد وسفك الدماء، وهو على عماه، من غير أن يظهر ذلك.

ثم فشا أمره. وكان الأمراء يعجبون منه ومن قوّة نفسه إذا دخل إلى الخدمة وطلبه السلطان، فيأتيه كأنّه يراه.

ثمّ توجّه إلى الحجاز صحبة النائب بيبغا أروس فكانت له يد في حرب المجاهد صاحب اليمن (١).

فلمّا قدم من الحجّ قبض عليه فيمن قبض من الأمراء ثمّ أفرج عنه فلزم داره ولم يغيّر شيئا من حاله، بل أقرّ مماليكه عنده، وأجرى لهم الرواتب وعليق خيولهم، على عادته في أيّام مباشرته، بعد ما بعث عند قدومه من الحجّ بهداياه إلى جميع الأمراء. ففسد في مدّة عطلته حال النواحي وكثر عيث العربان بها، فأعيد إلى كشف الوجه القبليّ لأوّل سلطنة الصالح صالح، وأنعم عليه بألف أردبّ غلّة ومبلغ أربعين ألف درهم. فسار إلى عمله ومهّد البلاد. ثمّ نقل بسؤاله إلى كشف الوجه البحريّ عوضا عن الأمير مجد الدين موسى بن الهذبانيّ.

ثمّ أخرج عنه كشف الوجه البحريّ لناصر الدين محمّد بن إياس الدويداري، وأنعم عليه بإمرة طبلخاناه.

وكان يشدو قليلا من النحو، ويحفظ مقامات الحريري، وعدّة أشعار للعرب وغيرهم، ويقول الشعر، وله عدّة مدائح في الأمراء.

٧١٠ - أسامة بن زيد التنوخيّ [- بعد ١٠٤] (٢)

[١٣٧ أ] أسامة بن زيد بن عديّ، أبو عيسى، التنوخيّ، الكاتب، ويقال: الكلبيّ، مولاهم، مولى سليح.

روى عنه زيد بن أسلم، وحرملة بن عمران.

وكان على ديوان الجند بدمشق في زمان الوليد بن عبد الملك. ثمّ ولي خراج مصر في زمن الوليد، فقدمها يوم السبت لإحدى عشرة خلت من شهر ربيع الأوّل سنة ستّ وتسعين.

ثمّ نزع في شهر ربيع الآخر سنة تسع وتسعين، وأمّر على الخراج عوضه حيّان بن شريح من قبل عمر بن عبد العزيز. وأمر به فأقيم بمصر في العساكر، فما جاء أحد من الناس يطلب فبله دينارا ولا درهما إلّا وجد مثبتا في بيت المال فإنّه كان أمينا.

ثمّ أعيد أسامة إلى ولاية الخراج في سنة اثنتين ومائة، وصرف حيّان، فأقام على الخراج إلى سنة أربع ومائة.

وسار إلى الشام فجعل على الدواوين، وعمل بدله على خراج مصر يزيد ابن أبي يزيد.

ومات أسامة في [ ... ].

وكانت له بمصر قصص وأنباء، منها أنّه


(١) المجاهد الرسوليّ: عليّ بن داود بن يوسف. وخبر اقتحامه مكّة وقت الحجّ مفصّل في النجوم ١٠/ ٢٢٦.
(٢) النجوم ١/ ٢٣١؛ الجهشياري: الوزراء والكتّاب، ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>