وثمانين- وقيل سنة ثمان، وقيل سنة سبع، وقيل:
سنة خمس وثمانين.
١٥٢٦ - أبو حذافة السهميّ [- قبل ٣٦] (١)
[١٩٨ أ] عبد الله بن حذافة بن قيس بن عديّ بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب، أبو حذافة، السهميّ.
أسلم وهاجر إلى الحبشة في المرّة الثانية.
وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أرسله بكتابه إلى كسرى بن هرمز ملك فارس يدعوه إلى الإسلام.
وأمره أيّام منى أن ينادي: إنّها أيّام أكل وشرب.
وقدم مصر وشهد فتحها. وولّاه عمرو بن العاصي الإسكندريّة فأسرته الروم، فكتب أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه إلى قسطنطين متملّك الروم يتوعّده بأن يغزوه بنفسه إن لم يخل سبيل عبد الله بن حذافة فخلّاه.
ومات في أيّام عثمان رضي الله عنه. واتّفق له في أسره منقبة جليلة: قال خليفة: وفيها- يعني سنة تسع عشرة- أسرت الروم عبد الله بن حذافة السهميّ.
وذهبوا به إلى ملكهم وقالوا: هذا من أكابر أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم! فقال له الطاغية: تنصّر وأشركك في ملكي!
فقال له: لو أعطيتني جميع ما تملك ما رجعت عن ديني.
فقال له: تنصّر وإلّا ألقيتك في النقرة.
فأبى. فدعا بنقرة- أو قدر من نحاس- فصبّ
فيها ماء وأوقد عليها حتّى التهبت، ودعا بنفر من المسلمين فألقاه فيها فإذا عظامه تلوح. فأمر بعبد الله أن يلقى فيها فبكى. فظنّه قد جزع. فقال:
والله ما بكائي من الموت، وإنّما أبكي حيث لم تكن لي إلّا نفس واحدة يفعل بها هذا في سبيل الله، وكنت أتمنّى أن يكون لي عدد كلّ شعرة فيّ أو في جسدي أنفس يفعل بها هذا في سبيل الله.
فقال له الطاغية: هل لك أن تقبّل رأسي وأطلقك؟
فقال: لا، حتّى تطلق جميع أسارى المسلمين.
قال: نعم.
فقبّل رأسه، فأطلق له ثمانين أسيرا.
فلمّا دخل المدينة كان عمر رضي الله عنه في المسجد فقام إليه وقبّل رأسه. وكان المسلمون بعد ذلك يداعبونه فيقولون: فبلّت رأس علج!
وفي رواية أنّ عمر رضي الله عنه كتب إلى الطاغية يتهدّده، فأطلقه.
وعن سليمان بن حبيب أنّه قال: ما اختبر أحد من المسلمين مثلما اختبر عبد الله بن حذافة السهميّ.
وقد روي أنّه شكي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه صاحب مزاح وباطل فقال: اتركوه، إنّه يحبّ الله ورسوله.
فرمى على قيساريّة فأخذ، وبعثوا به إلى الطاغية وهو بالقسطنطينيّة فقال له: تنصّر وأنكحك ابنتي وأشركك في ملكي.
فقال: لا أفعل.
فقال له: أقتلك.
قال: فعجّل!
(١) الاستيعاب ٣/ ٨٨٨ (١٥٠٨) - تاريخ خليفة ابن خيّاط ١/ ١١٤ - أعلام النبلاء، ٢/ ١١ (٢).