للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دينارا ولا درهما إلّا ما حلّ له من أرزاقه. فهمّ حنظلة بقتاله، ثمّ حجزه عنه الورع، فإنّه كان ورعا لا يرى القتال إلّا لكافر أو خارجيّ.

[[رجوع حنظلة إلى الشام (سنة ١٢٧)]]

وخرج بمن خفّ معه من أهل الشام في جمادى الأولى سنة سبع وعشرين ومائة، ودخل عبد الرحمن القيروان. فدعا حنظلة على أهل إفريقيّة وعلى عبد الرحمن فاستجيب له فيهم: فوقع الطاعون سبع سنين لم يفارقهم إلّا في أوقات متفرّقة، وقتل عبد الرحمن.

وكان حنظلة لمّا مضى من إفريقيّة قدم مصر ونزل بالجيزة وقد امتنع أهل مصر من ولاية حسّان بن عتاهية عليهم. فكتب مروان بن محمد إليهم: أمّا إذا أبيتم ولاية حسّان فقد أمّرت عليكم حنظلة بن صفوان.- فلم يرضوا به وخلعوا مروان، وجاء رجاء بن الأشيم في عدّة إلى حنظلة وأخرجه إلى الحوف الشرقيّ ومنعه المقام بالفسطاط. فلحق بالشام وأقام بها حتى شهد حصار دمشق مع عبد الله بن عليّ.

وذكر البلاذريّ أنّه مات بالقيروان وهو وال عليها.

وقد روى عنه أبو قبيل، وحكى عنه محمد بن شعيب بن شابور [الدمشقيّ المحدّث]. وكان حسن السيرة في سلطانه.

١٣١٤ - حنين البدويّ [- بعد ٦٧٨]

كان ينوب في ناحيتي مليج وشطنوف وهما في إقطاع الأمير سيف [الدين] قلاوون الألفيّ. فلمّا تسلطن (١) قدم عليه، ومعه هديّة الريف، بدا له أنّه

له عليه خدم بتقدمة ومعرفة قديمة. ووقف له بالإصطبل وباس الأرض، فبشّ له وقال له: إيش حسك؟

قال: يا خوند، والله طيّب، لكن يا خوند، عليه الطلاق: إن امرأتي بصرت مناما للسلطان وكذبتها. فلمّا سمعت بالسلطان بقيت تهارتني (٢) وتقول: كذبتني!

فقال له: وا لك! وإيش رأت امرأتك؟

قال: رأت كأنّك قاعد على كرسيّ السلطنة وأنّي قد حضرت إليك، فقلت لي: وا لك يا حنين، اذني (٣) قد صرت سلطانا فتمنّ عليّ! - فقلت: يا خوند. أتمنّى أن تولّيني الغربيّة.- فخلعت عليّ وولّيتني، فعند ما رأتني امرأتي بالخلعة أخذتها وقال: هذه حقّ منامي.

فتبسّم السلطان وقال: لتروح إلى الشجاعيّ يخلع عليك ويولّيك.

فذهب إلى الشجاعيّ وحكى له ما جرى. فنهره وطرده عنه. فعاد إلى السلطان وعرّفه. فطلب الشجاعيّ وقال له: لم لا خلعت على حنين ما حكى لك منام امرأته؟

فقال: يا خوند، وبمنام يتولّى حنين الغربيّة، وقد كان يتولّاها الأمير شهاب الدين ابن يغمور، تبقى بعده بيد بدويّ فلّاح؟

فصمّم على ولايته، فما وسعه إلّا أنّه ولّاه.

فباشر الولاية بحرمة عظيمة وسطوة زائدة، وسفك دماء كثير من المفسدين لمعرفته بهم وبمظانّهم.

ولم يغيّر زيّه. وشغف باللهو والطرب.

ومن نوادره أنّه سمع بجماعة من كتّاب المحلّة وأعيانها قد اجتمعوا على لهو. وعندهم مغنّيتان


(١) تسلطن المنصور قلاوون سنة ٦٧٨ (النجوم ٧/ ٢٩٢).
(٢) هرته: طعنه، ولعلّ المقصود هنا: تخاصمني.
(٣) لعلّها كلمة عاميّة: بمعنى: ها أنا ذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>