للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيذكر سيرة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فيخرج الناس على أمير المؤمنين. فو الله، لو صفا هذا الأمر، لسألت أمير المؤمنين أن يجعل لي السبيل فأقتل هذا وأشباهه!

قال: يا بنيّ، إنّي لأظنّ أنّ الله خلقك شقيّا.

ثمّ إنّ مروان بعث يوسف وابنه مع حبيش بن دلجة (١) القينيّ إلى إخراج عمّال عبد الله بن الزبير من المدينة. فخرجا فيمن خرج معه لعشر خلون من جمادى الأولى، وهما على جمل واحد.

فوصلا إلى المدينة وشهدا معه الحرب حتّى قتل.

فانهزما فيمن انهزم إلى الشام. وكان الحجّاج يقول: ما أقبح الهزيمة! لقد رأيتني مع رجل- وكره أن يسمّي أباه- وكنّا في جيش ابن دلجة فانهزمنا ونكصنا ثلاثين ميلا، وكان يخيّل إليّ أنّ القوم بين [٥٠٧ ب] أكتافنا.

وكان على شرطة أبان بن مروان وهو على البلقاء، فلمّا بويع عبد الملك بن مروان بعد موت أبيه، تقدّم الحجّاج عنده إلى أن قتل عبد الملك مصعب بن الزبير وأتى الكوفة [ف] وجّه منها الحجّاج في ألفين- وقيل: في ثلاثة آلاف- من أهل الشام لقتال عبد الله بن الزبير. وكان السبب في تسييرهدون غيره أنّه قال لعبد الملك: إنّي رأيت في المنام أنّي أخذت عبد الله بن الزبير وسلخته. فابعثني إليه وولّني قتاله!

وقيل: إنّ عبد الملك خطب على المنبر، فقال: من لابن الزبير؟

فقال الحجّاج: أنا يا أمير المؤمنين.

فأسكته. ثمّ عاد فأسكته. ثم عاد فقال له: أنا يا أمير المؤمنين، فإنّي رأيت في النوم كأنّي انتزعت جبّته فلبستها.

[[قتاله لابن الزبير]]

فعقد له وبعثه، وكتب معه أمانا لابن الزبير ومن معه إن أطاعوا، فسار بالعساكر لأيّام مضت من جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين. ولم يعرض للمدينة ونزل الطائف، فكان يبعث الخيل إلى عرفة، ويبعث ابن الزبير الخيل أيضا فيقتتلون بعرفة، وينهزم أصحاب ابن الزبير في كلّ ذلك، وتعود خيل الحجّاج بالظفر.

فكتب الحجّاج إلى عبد الملك (٢) يستأذنه في دخول الحرم وحصر ابن الزبير، ويخبره بضعفه وتفرّق أصحابه، ويستمدّه. فأمدّه بطارق بن عمر مولى عثمان. فقدم على الحجّاج بمكّة في ذي القعدة ومعه خمسة آلاف. وكان الحجّاج قد قدم مكّة في ذي القعدة محرما بحجّه ونزل بئر ميمون وحجّ بالناس من غير أن يطوف بالبيت ولا سعى بين الصفا والمروة. ولم يحجّ ابن الزبير، وكان الحجّاج قد نصب المنجنيق على أبي قبيس ورمى به الكعبة، فأرسل إليه عبد الله بن عمر يقول: أن اتّق الله وأكفف عن الناس هذه الحجارة، فإنّك في شهر حرام، وقد قدمت وفود الله من أقطار الأرض ليؤدّوا الفريضة ويزدادوا خيرا، فإنّ المنجنيق قد منعهم عن الطواف، فاكفف عن الرمي حتى يقضوا ما يجب عليهم بمكّة.

فبطل الرمي حتى عاد من عرفات وطافوا وسعوا، ولم يمنع ابن الزبير الحاج من الطواف والسعي. فلمّا فرغوا من طواف الزيارة نادى منادي الحجّاج: انصرفوا إلى بلادكم، فإنّا نعود بالحجارة على ابن الزبير الملحد!

[٣٢١ أ] وأوّل ما رمى الحجّاج الكعبة بالمنجنيق رعدت السماء وبرقت وعلا صوت الرعد على


(١) مرّت ترجمة حبيش: رقم ١١١٨.
(٢) في المخطوط: لعبد الملك.

<<  <  ج: ص:  >  >>