للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لي؟ قم، اخرج من وجهي!

فقام وركب من فوره البريد. فبعث قرمجي يعرّف السلطان بأن يستدرك أمره، فإنّ الرجل قد جهّز [ر] حاله، ومتى لم تبادره فاتك. وعرف تنكز أنّ طاجار ولا بدّ يبلّغ السلطان مقالته. فعزم على أن يخرج إلى المرج بالعسكر كأنّه يتصيّد، ثمّ بعد يومين يقتل الأمير قطلوبغا الفخري ويسير إلى الشرق أو بلاد الروم.

فقدم طاجار بعد غيبته سبعة أيّام ليلا وعرّف السلطان الخبر بنصّه. فطلب الأمير بشتاك وأطلعه على خبر طاجار، وبعثه إلى الأمير بيبرس الأحمديّ، والأمير جنكلي بن البابا، والأمير أرقطاي، والأمير طقزدمر، وغيره. فلمّا صاروا بين يدي السلطان، عرّفهم خروج تنكز عن الطاعة، وعدّد له ذنوبا كثيرة، وقرّر معهم خروج تجريدة لقبضه. وعيّن من الأمراء جنكلي بن البابا، وأرقطاي، وبشتاك، وأرنبغا أمير جندار (١)، وقماري أمير شكار، وقماري أخا بكتمر الساقي، وبرسبغا الحاجب، وصحبتهم ثلاثون أمير طبلخاناه، وعشرون أمير عشرة، وثلاثمائة من مماليك السلطان. وأنفق ألف دينار (٢) في كلّ أمير مائة، وفي كلّ أمير طبلخاناه أربعمائة دينار، ولكلّ مملوك خمسمائة درهم. وكتب إلى جميع العربان بأخذ الطرقات على تنكز. وأركب بهادر حلاوة البريد إلى الطنبغا نائب غزّة، وطشتمر نائب صفد، وعلى يده ملطفات، بتوجّه طشتمر إلى دمشق وقبضه على تنكز. ثمّ بعد ذلك يعبر دمشق متنكّرا إلى قطلوبغا الفخري وقرمجي والأمراء،

ويعرّفهم أن يكونوا على تعبئة حتى يأتيهم العسكر. وإن قدروا على أخذ تنكز فقبضوه، وإلّا فيعوّقو [ن] هـ عن التوجّه.

[[القبض على تنكز]]

وكثر وهم السلطان وزاد قلقه وتنغّص عيشه.

وأخرج العسكر يوم الثلاثاء [ ... ] عشرين ذي الحجّة [سنة ٧٤٠]. فلمّا عبر [بهادر] حلاوة دمشق أوصل الملطفات [٢٨٧ أ] لأصحابها ليلا.

وأصبح (٣)، وقد ركب تنكز إلى خارج دمشق وأقام في قصره بالقطائع (٤)، وإذا بطشتمر نائب صفد قد ركب منها يريد دمشق. فلمّا بلغه قربه منه عاد إلى دار السعادة. فبادر أمراء دمشق وركبوا بالسلاح وغلّقوا باب النصر وغيره من الأبواب وأحاطوا به.

فوافاهم نائب صفد وقت الظهر بعد ما وصل دواداره بكرة النهار واتّفق مع الأمراء. فدخل تمر الساقي، وطرنطاي البشمقدار، وبيبرس السلاح دار على [٣٣٧ ب] تنكز وأخرجوه إلى ميدان الحصا، وقيّدوه، في يوم الثلاثاء ثالث عشرين ذي الحجّة [سنة ٧٤٠] خلف مسجد القدم. فأقامه الحدّاد وأقعده أربع مرّات، والناس قد وقفوا لرؤيته، فسبحان مزيل النعم! (٥).

وكان الذي تولّى تقييده بيده فرنجيّ [ا].

وساروا به وقت العصر. فحدث له بمنزلة الكسوة إسهال ورعدة حتى أشفى على الموت. وتقدّم حلاوة بالبشارة فقدم بلبيس والعسكر عليها، فعرّف بشتاك بقبض تنكز. ووصل إلى السلطان


(١) في المخطوط: رنبغا.
(٢) في المخطوط: في كلّ أمير مائة ألف دينار، وقدّمنا وأخّرنا لرفع الالتباس: فأمير مائة رتبة عسكريّة، مثل أمير طبلخاناه وأمير عشرة إلخ ...
(٣) وأصبح: توهم أنّه قبض على تنكز يوم الأربعاء رابع عشرين خلافا لما سيأتي ولما في أعيان العصر.
(٤) القطائع شرقيّ قرية القدم خارج دمشق (أعيان ٢/ ١٢٤ هـ ١).
(٥) هذا من التعاليق النادرة في المقفّى. وانظر السلوك ٢/ ٤٩٩ - ٥٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>