للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى أيّام الظاهر بيبرس. واختصّ بالأمير علاء الدين طيبرس الوزيريّ نائب الشام، وعظم قدره.

ثمّ قبض عليه بعده، وحبس بالقاهرة مدّة سنين. ثمّ أفرج عنه، واستقرّ بديوان الجيش بمصر. ثمّ أضيف إليه ديوان جيش الشام. ثمّ قبض عليه واعتقل. ثمّ أفرج عنه. فمضى من القاهرة إلى دمشق بطّالا. وأقام بها حتى مات سنة اثنتين وسبعين وستّمائة عن سبعين سنة بدمشق.

وله تاريخ مفيد (١)، وله فضيلة.

١٠٦٣ - جرجي الأنطاكيّ وزير روجار [- ٥٤٦] (٢)

جرجي بن ميخائيل الأنطاكيّ، وزير روجار ملك الإفرنج بجزيرة صقلّيّة.

كان من جملة النصارى، وعمل هو وأهل بيته لملك القسطنطينيّة مدّة. ورفع عليه وعلى أهله فأمر الملك بوصولهم إليه بالأهل والولد، فجمعوا في مركب وخرجوا في أربعين نفسا. فلقيهم أسطول السلطان تميم بن المعزّ بن باديس صاحب بلاد الغرب، وذلك في سنة نيف وثمانين [٢٩٤ ب] وأربعمائة، وهو راجع من غزو جزائر القسطنطينيّة، فأخذهم وأتى بهم إلى المهديّة من أرض إفريقيّة.

فسألوا الحضور بين يدي تميم فأمر بإحضارهم فذكروا أنّهم حسّاب وأنّ السلطان ينتفع بهم في الخدم. فأحسن تميم إليهم وقلّدهم الأمور. فظهر نصحهم. وولّى جرجي هذا عاملا على مدينة سوسة. وجعل سمعان أخاه بين يديه وكان لم يبلغ

الحلم. فجعل يلتقط الأخبار من إخوته ومن غيرهم ويوصلها إليه. فبلغ السلطان يحيى ابن تميم عن سمعان أنّه نقل عنه كلاما. فضاق به صدره وثقل على يحيى بن تميم فأمر من خنقه ليلا.

ومات السلطان تميم وقام من بعده ابنه يحيى بن تميم فخافه جرجي، وكتب إلى السلطان عبد الرحمن (٣) وزير الملك روجار بن روجار ملك الفرنج المعروف بأبي تليس صاحب جزيرة صقلّيّة يأمره فيه أن يبعث له شينيّا غزوانيّا ليهرب فيه. فوصل الشيني إلى المهديّة في سنة اثنتين وخمسمائة، وفيه رسول إلى السلطان يحيى بن تميم. فأخذ جرجي وجميع أقاربه وسار بهم بحيث لم يعلم به أحد.

فلمّا قدموا عليه أحسن إليهم وولّاهم بصقلّيّة فأظهروا النصح فصار لهم عنده منزلة. وشبّ الملك روجار وشارك عبد الرحمن الوزير في الأمر والنهي. فتقرّب إليه جرجي بكلّ ما يوافقه.

فبعث جرجي رسولا إلى مصر كرّات متعدّدة.

ولم يزل جرجي يسعى بالسلطان عبد الرحمن حتّى أخذه روجار وجعله في قفص حديد وقتله.

وولّى وزارته أبا الضوء كاتب إنشائه، وكان من أهل الأدب، فلم ينهض بالأمر. فولّى جرجي الوزارة، فجمع الأموال ورتّب قواعد الملك وحجب روجار عن الرعيّة، وجعل له زيّا كزيّ المسلمين، لا يركب ولا يظهر للرعيّة إلّا في الأعياد، وبين يديه الخيل المسوّمة بسروج الذهب والفضّة، والأجلّة المرصّعة بالأحجار، والقباب بالهوادج، والبنود المذهّبة، والمظلّة والتاج على رأسه.


(١) هما تاريخان: الأول إلى ظهور الإسلام، والثاني إلى عصر الظاهر بيبرس (زيدان والزركلي). وفي الهدية ١/ ٢٥٠ سمّاه الجامع لأخبار العالم إلى سنة ١١١٨ م.
(٢) اتّعاظ ٣/ ١٨٧؛ الكامل (سنة ٥٤٣)؛ رسالة إدريس (انظر الفهرس).
(٣) عبد الرحمن بن عبد العزيز النصراني، ويقول إدريس ٣٣٥: إنّ المصادر المسيحيّة تسمّيه «كرستوبولوص».

<<  <  ج: ص:  >  >>