للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الزبيدي، وكريمة بنت عبد الوهاب [بن عليّ الدمشقيّ].

٢٧٤ - النّجيرميّ النحويّ [- ٣٤٣] (١)

إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن حبيش، أبو إسحاق، النّجيرميّ [بالنون والجيم والياء آخر الحروف، نسبة إلى نجيرم (٢)، محلّة بالبصرة] البغداديّ، النحويّ، الكاتب.

[سمع] أبا إسحاق بن السريّ الزجّاج، وأكثر من الأخذ عنه. وروى عن أبي خليفة وغيره.

روى عنه أبو عمران موسى بن عيسى.

ورحل من بغداد إلى مصر في أيّام الأستاذ كافور الإخشيديّ، واتّصل به، وكان يحترمه.

وأمر له في وقت بثلاثمائة دينار.

وتوفّي في شعبان سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة.

وكان حسن التصنيف، مليح التأليف، جيّد الرّويّة والبديهة في نظمه ونثره، طريفا لطيفا.

وكان مرّة عند كافور الإخشيديّ، فدخل عليه أبو الفضل ابن عبّاس وقال: «أدام الله أيّام سيّدنا الأستاذ»، فخفض الأيّام. فتبسّم كافور إلى أبي إسحاق النّجيرميّ فقال ارتجالا [البسيط]:

[٤٧ ب] لا غرو إن لحن الدّاعي لسيّدنا ... وغصّ من هيبة بالريق والبهر

فمثل سيّدنا حالت مهابته ... بين البليغ وبين القول، بالحصر

فإن يكن خفض الأيّام من دهش ... في موضع النصب لا من قلّة البصر

فقد تفاءل (٣) من هذا لسيّدنا ... والفأل نأثره عن سيّد البشر

بأنّ أيّامه خفض بلا نصب ... وأنّ دولته صفو بلا كدر

فأمر له كافور بثلاثمائة دينار، ولابن عباس بمائتين.

[[رسالته في القلم]]

وكتب رسالة في القلم إلى أبي عمران ابن رباح وهي: إنّه، لمّا كان القلم مطيّة الفكر والبنان، ومخرج الضمير إلى العيان، ومستنبط ما تواريه ظلمالجنان، إلى نور البيان، ومرسخ الفطن العوازب، وجالب الفكر الغرائب، ولسان الغائب، وبزّ الكاتب، ومكتّب الكتائب، ومفرّق الحلائب (٤)، وعماد السلم، وزناد الحرب، ويد الحدثان، وخليفة اللسان، ورأس الأدوات التي خصّ الله بها الإنسان، وشرّفه بها على سائر أصناف الحيوان، ومركبا لآلة تقدّمت كلّ آلة، وحكمة سبقت في الإنسان كلّ حكمة، وقواما لهندسة عقليّة، ومصدرا لعقل العاقل، وجهل الجاهل، الناقل إلينا حكم الأوّلين، وحاملها عنّا إلى الآخرين، الحافظ علينا أمر الدنيا والدين، أوّل شيء خلقه الله فأمره فسبّحه ومجّده وحمده وسجد له، وكان له فرسان خلق لهم وكنت عميدهم، وأقران قصر عليهم وأنت صنديدهم، وميدان كنت زينه، ومضمارا كنت عينه، وحلبة كنت سابقها ومعجزها، وغاية كنت مالكها ومحرزها، ورمت بي الأيّام إلى معدنه الذي كلفت به، وعييت بطلبه، فظفرت منه بقدح فذّ، وأوحد


(١) الوافي ٦/ ٣٤ (٢٤٦٦)، معجم الأدباء ١/ ١٩٨، بغية الوعاة ١٨١، إنباه الرواة ١/ ١٧٠، زهر الآداب ٦١٧.
(٢) ياقوت: نجيرم، بفتح أوّله وثانيه وياء ساكنة وراء مفتوحة.
(٣) في الوافي: تفاءلت.
(٤) الحلائب بالحاء المهملة: الجماعات من الأنصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>