للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبا الطاهر أن قال: حججت يا قاضي؟

قال: نعم.

فقال له: زرت؟

قال: نعم.

قال: سلّمت على الشيخين؟

قال: شغلني عنهما النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، كما شغلني أمير المؤمنين عن وليّ عهده.

فازداد به إعجابا، فأرضى المعزّ وتخلّص من وليّ العهد إذ لم يسلّم عليه بحضرة المعزّ، فأجازه المعزّ يومئذ بعشرة آلاف درهم.

وسمعت أبا العبّاس أحمد بن محمد بن شعرة يقول: سمعت أبا بكر ابن مقاتل (١) يقول: أنفق القاضي أبو الطاهر بيت مال خلّفه له أبوه.

وسمعت أبا الحسن عليّ بن محمد بن يزيد القاضي (٢) يقول: كان أبو الطاهر القاضي يشبه أبا عمران بن الأشيب في كثرة الحكايات وحسن مقاطع الأحاديث. وسمعت القاضي أبا الطاهر يقول: أخذت البيعة على بني هاشم للمقتدر في ذي القعدة سنة خمس وتسعين [و] كتب إليّ الشيخ بذلك إلى البصرة فقال لي: اخرج فخذ عليهم. وقال لي ابن عبد السّلام الهاشميّ:

اذكر ما أخذته علينا، فاشكر الله عزّ وجلّ على ذلك.

[[شيء من شعره]]

وحدّثني زيد بن عليّ أبو القاسم الكاتب أنّ القاضي أبا الطاهر أنشد لنفسه [السريع]:

إنّي وإن كنت بأمر الهوى ... غرّا فستري غير مهتوك

أكنّي عن الحبّ ويبكي دما ... قلبي ودمعي غير مسفوك

فظاهري ظاهر مستملك ... وباطني باطن مملوك

أخبرني أبو القاسم خمار بن علي المصري صديقنا بصور، قال: أتيت القاضي أبا الطاهر بأبيات في رقعة، قالها في ولده فقلت له: يتأمّل القاضي أيّده الله هذه الأبيات.

فأخذها فنظر إليها ثمّ بكى، وأنشدنا إيّاها [المجتثّ]:

يا طالبا بعد قتل ... ي الحجّ لله نسكا

تركتني فيك صبّا ... أبكي عليك وأبكى

وكيف أسلوك؟ قل لي! ... أم كيف أصبر عنكا؟

روحي فداؤك! هذا ... جزاء عبدك منكا

حدّثني أبو جعفر محمد بن علي الجعفريّ القاضي الزينيّ (٣) قال: حدّثني محمد بن نوح الدقّاق الملقّب بالقاضي قال: كنّا في دار القاضي أبي الطاهر نقرأ عليه شيئا من الحديث، فلمّا فرغ المجلس نهضت وجماعة من أهل الحديث لمقابلة ما قرأناه فصاح بي بعض من حضر: يا قاضي! فسمع القاضي [٧٩ ب] أبو الطاهر ذلك فأنفذ إلينا حاجبه، فقال: من القاضي فيكم؟

فقال أصحاب الحديث: «هو هذا! » وأشاروا


(١) أبو بكر بن عليّ بن مقاتل: كان وزيرا للإخشيد (الولاة والقضاة ٢٩٤).
(٢) القاضي عليّ بن محمّد [بن إسحاق] بن يزيد الحلبيّ:
ولي قضاة مصر في أيّام العزيز، (الولاة والقضاة ٥٩٥).
(٣) لا نعرف هذا القاضي- ولعلّه الزينبيّ- كما لم نتوصّل إلى معرفة كثير من الأعلام المذكورين هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>