للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: أنا، أردت فلانا.

قالت: ليس هو ههنا.

فأمرتني بفتح الباب وتنحّت. ففتحت الباب وأدخلت ما على البعير في صحن الدار وناولتها الدينار. فقالت: على يدي من هذا رحمك الله؟

فقلت: إذا جاء زوجك أقرئيه السلام وقولي:

هذا على يدي إبراهيم بن أدهم.

فقالت: اللهمّ لا تنس هذا اليوم لإبراهيم بن أدهم!

فجئت إلى إبراهيم فحدّثته بما كان وما كان من قولها وفعلها، ففرح فرحا لم يفرح مثله قطّ.

فلمّا جاء الرجل من آخر النهار وليس معه شيء فنظر إلى صحن الدار قد ملئ من الخير، ودفعت الدينار إليه، قال: على يدي من هذا؟

قالت: على يدي أخيك إبراهيم بن أدهم.

فقال: اللهم، لا تنس هذا اليوم لإبراهيم بن أدهم!

وعن أبي عمير ابن عبد الباقي صاحب أذنة قال: حصد عندنا إبراهيم بن أدهم في المزارع بعشرين دينارا. ودخل أذنة ومعه صاحب له.

فأراد إبراهيم حلق رأسه و [أن] يحتجم. فجاء إلى حجّام وجلس بين يديه. فلمّا رآهما الحجّام حقرهم وقال: ما في الدنيا أحد أبغض إليّ من هؤلاء، [أ] فما وجدوا من يخدمهم غيري؟

فخدم جماعة وتهاون بإبراهيم وصاحبه، وإبراهيم ساكت ينظر. فلمّا لم يبق بين يديه ولا عنده أحد، التفت الحجّام إليهم وقال: إيش الذي تريدون؟

فقال له إبراهيم: أريد أن أحلق رأسي وأحتجم.

فوجد صاحب إبراهيم الذي معه في نفسه من تهاون الحجّام فقال: أمّا أنا فليس أحلق ولا أحتجم.

فحلق إبراهيم واحتجم. فلما فرغ قال لصاحبه: هات الدنانير التي معك!

فدفعها إلى الحجّام كما هي: العشرين دينارا.

فقال له صاحبه: حصدت في هذا الحرّ بهذه الدنانير فدفعتها إلى هذا!

فقال له: اسكت! هذا لا يحقر فقيرا أبدا- ودخل من فوره إلى [١٤ أ] طرسوس. فلمّا أصبح قال لصاحبه: خذ هذه الكتيبات فارهنها وجئنا بشيء نأكله!

[[تنازله عن ميراثه من أبيه]]

فخرج صاحبه ليجيء بشيء كما أمره، فرأى في طريقه خادما على شهريّ (١) وبين يديه حمارات وخيل وبغال عليها صناديق فيها فوق الستين ألف دينار. والخادم يقول: الذي أبغيه هو أحمر أشقر يعرف بإبراهيم بن أدهم.

فقدم إليه صاحبه وقال له: الرجل الذي تطلب ما يحبّ هذه الشهرة. أنا أدلّك عليه.

فقال لغلامه: كن معه.

فلمّا ضرب خيمته أخذ بيده إلى إبراهيم وهو جالس. فلمّا رآه الخادم في زيّ الحصّادين أخذ في بكاء شديد، وقال: يا مولاي، بعد ملك خراسان صرت في هذه الحال؟

فقال له إبراهيم: اسكت! إيش وراءك؟

فقال: مات الشيخ.

قال إبراهيم: رحمه الله. موت الشيخ يأتي على كلّ ما أتيت به. وإيش الذي تريد؟


(١) في المخطوط: شهر فيّ. والشهريّ: نوع من الدوابّ بين الحمار والبرذون (دوزي).

<<  <  ج: ص:  >  >>