للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بتسليم البلاد إلى عمّال السلطان فامتنع. فجهّز إليه رائقا الكبير المعروف بالحجريّ في جيش، وكتب إلى مؤنس، وهو في قتال أهل المغرب، يأمره بالمسير إلى قتال الحسين بعد فراغه. فسار رائق وواقع الحسين، فانهزم رائق وغنم الحسين سواده، وسار رائق إلى مؤنس فأمره أن يقيم بالموصل. وجدّ مؤنس في السير نحو الحسين ومعه أحمد بن كيغلغ. فلمّا قرب منه راسله الحسين يعتذر. ثمّ رحل نحو أرمينية بثقله وأولاده فتفرّق [٤٩٠ ب] عسكره عنه (١). وتبعه يلبق في عدّة من القوّاد (٢) وأدركوه وقاتلوه، فانهزم من بقي معه، وأسر هو وابنه عبد الوهّاب وجميع أهله وأكثر من صحبه. وأحضر إلى مؤنس فسار به إلى بغداد، وأركب هو وابنه على جمل وعليهما البرانس اللبود الطوال، وقمصان من شعر أحمر. ثمّ حبس ومعه ابنه، وقبض على أملاكه، وعلى أخيه أبي الهيجاء وجميع إخوته وحبسوا. وأدرك بعض أولاد الحسين وقد جمع نحو آمد جمعا فأوقع به وأنفذ رأسه إلى بغداد.

فأقام الحسين في الحبس إلى أن بلغ المقتدر أنّ الوزير أبا الحسن عليّ بن الفرات يريد إرسال الحسين ابن حمدان [إلى] يوسف بن أبي الساج ليحاربه، فإذا صار عنده اتّفقا عليك. ثمّ إنّ ابن الفرات قال للمقتدر في إرسال الحسين إلى ابن أبي الساج.

فأمر بقتل الحسين (٣) وقبض على ابن الفرات.

وكان قتل الحسين بن حمدان يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة بقيت من جمادى الأولى سنة ستّ وثلاثمائة في الحبس ببغداد.

وكان سفّاكا شجاعا، اجتمع عنده نيف وعشرون طوقا من خلع الخلفاء، كلّ طوق منها لقتله خارجيّ [ا]. وقيل إنّ المقتدر عزم على إطلاقه وتوليته الجيش لمحاربة يوسف بن أبي الساج، فلم يفعل وقال: الساعة كما احتاجوا (٤) لي، فأمر المقتدر بقتله فقتل وحمل رأسه إلى الخليفة ورميت جثّته في دجلة.

١٢٣٣ - سماء الملك بن الأفضل بن بدر الجمالي [- بعد ٥١٥] (٥)

[٤٩١ أ] حسين بن شاهنشاه بن بدر الجمالي، الملقّب سماء الملك، ابن الأفضل، ابن أمير الجيوش.

كان أبوه الأفضل يؤثره ويميل إليه. واستنابه في الجلوس عنه على سماط شهر رمضان، وقرّر له على هذه النيابة في هذا الشهر خمسمائة دينار، وبدلة مذهّبة بخمسمائة دينار، ورزمة كسوة فيها شقق حرير وغيرها. فكان يحضر في كلّ يوم من أيّام شهر رمضان من القاهرة فيتلقّاه والي مصر عند المجنونة (٦) على الخليج ويسير بين يديه إلى دار الملك بمصر. فإذا انقضى حكم السماطين عاد إلى القاهرة بعد ما يدخل إلى مجلس إليه فيشيّعه والي مصر إلى المجنونة ويسلّمه إلى والي القاهرة وقد وقف في انتظاره حتى يوصله إلى داره


(١) العيون والحدائق، ١٨٠.
(٢) يلبق غلام مؤنس، وكان معه من القوّاد سيما الحزريّ وجنيّ الصفوانيّ (الكامل، حوادث ٣٠٢ وماريوس كانار ٣٣٧).
(٣) في الشذرات ٢/ ٢٤٩: وذبح في حبس المقتدر بأمره.
وفي صلة الطبريّ لعريب، ٧١ أنّ علي بن محمد (بن الفرات) تكفّل بفدائه فرفض الخليفة قائلا: إنّما يريد الحيلة، فقتل في الحبس.
(٤) التعبير ملتبس، والعبارة في المخطوط: احتجبوا. ونفهم منه أنّ الخليفة عرض على الحسين أن يولّيه قتال ابن أبي السّاج، فرفض الحسين وقال ... وجوابه غير مفهوم، ولا نجدهعند غير المقريزي.
(٥) اتّعاظ ٣/ ٤٠، ٥٤، ٦٢ - ابن القلانسيّ، ١٤٢.
(٦) المجنونة موضع كان يحدّ القاهرة قبل أن تتسع بناءاتها، انظر الخطط ٢/ ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>