للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمر رضي الله عنه، يأذن لأهل بدر ويأذن لي معهم، فذكر أنّه سأله وسألهم فقال لهم: كيف تلومونني على ابن عبّاس بعد ما ترون؟

وعن عطاء بن يسار (١) أنّ عمر وعثمان رضي الله عنهما، كانا يدعوان ابن عبّاس مع أهل بدر.

وكان يفتي في عهد عثمان إلى أن مات.

وقال سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد قال: كان ابن عبّاس إذا سئل عن الأمر فكان في القرآن أخبر به. فإن لم يكن في القرآن وكان عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخبر به. فإن لم يكن في شيء من ذلك اجتهد رأيه.

وقال جرير بن عبد الحميد (٢) عن مغيرة (٣):

قيل لابن عبّاس: بم أصبت هذا العلم؟

فقال: بلسان سئول وقلب عقول.

وقال معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة أنّ ابن عبّاس قال: سلوني عن التفسير، فإنّ ربّي وهبني لسانا سئولا وقلبا عقولا.

وقال حمّاد بن زيد (٤) عن الزبير بن الخرّيت (٥) عن عكرمة قال: كان ابن عبّاس أعلم بالقرآن من عليّ بن أبي طالب. وكان عليّ أعلم بالمبهمات منه.

وقال مجاهد: كان ابن عبّاس يسمّى البحر لكثرة علمه.

وقال ابن جريج عن عطاء أنّه كان يقول: قال البحر كذا، وأفتى البحر بكذا- يعني ابن عبّاس.

[نماذج من تفسير ابن عبّاس]

وقال سعيد بن جبير: وجد ناس من المهاجرين على عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، في إدنائه ابن عبّاس دونهم. فقال عمر: أما إنّي سأريكم اليوم منه ما تعرفون [٢٠٢ ب] به فضله- فسألهم عن هذه السورة: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [النصر: ١] فقال بعضهم: أمر الله نبيّه صلّى الله عليه وسلّم إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجا أن يحمده على ذلك ويستغفره.

فقال عمر: يا ابن عبّاس، تكلّم!

فقال: أعلمه أنّه ميّت، يقول: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ* وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً فهي آيتك في الموت.

ثم سألهم عن ليلة القدر فأكثروا القول فيها، فقال بعضهم: ليلة إحدى وعشرين، وقال بعضهم: ليلة ثلاث وعشرين، وقال بعضهم: ليلة سبع وعشرين.

فقال لابن عبّاس: تكلّم!

فقال ابن عبّاس: إنّ الله وتر يحبّ الوتر: خلق السماوات سبعا، والأرضين سبعا، وجعل عدّة الأيّام سبعة، وجعل الإنسان من سبع فقال:

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ [المؤمنون: ١٢ - ١٤]. ثمّ جعل رزق الإنسان من سبع فقال: أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا* ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا* فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا* وَعِنَباً وَقَضْباً* وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا* وَحَدائِقَ غُلْباً* وَفاكِهَةً وَأَبًّا* مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ [عبس: ٢٥ - ٣٢]، فأمّا السبعة فمتاع لبني آدم، وأمّا الأبّ فهو ما تنبت الأرض للأنعام. وما نراها إن شاء الله إلّا لثلاث وعشرين


(١) عطاء بن يسار (ت ١٠٣) «كان قاصّا» (المعارف، ٤٥٩).
(٢) جرير بن عبد الحميد الضبّي. المعارف ٤٥٦. تهذيب ٢/ ٧٥.
(٣) مغيرة بن مقسم الضبي- المعارف ٥٥١.
(٤) حمّاد بن زيد- المعارف ٤٤٠.
(٥) الزبير بن الخرّيت- التهذيب ٣/ ٣١٤ - المعارف ٣٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>