للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالكوفة فنصب بها- ويقال: بل بعث به صالح إلى أبي العبّاس.

[نبشه قبور بني أميّة]

ولمّا صار عبد الله بن عليّ إلى نهر أبي فطرس أمر فنودي في بني أميّة بالأمان، فاجتمعوا إليه فعجّلت الخراسانيّة إليهم بالعمد فقتلوهم، وقتل عبد الله جماعة منهم ومن أشياعهم. وأمر بنبش قبر معاوية بن أبي سفيان فلم يوجد من معاوية إلّا خطّ (١)، وبنبش قبر يزيد بن معاوية فوجد منه سلاميات رجله، ووجد من عبد الملك بعض شؤون (٢) رأسه، ولم يوجد من الوليد وسليمان إلّا رفات. ووجد هشام صحيحا إلّا شيئا من أنفه وشيئا من صدغه، وذلك لأنّه كان طلي بالزئبق والكافور وماء الفوّة (٣). ووجدت جمجمة مسلمة بن عبد الملك فاتّخذت غرضا حتى تناثرت. ولم يعرض لعمر بن عبد العزيز. وجمع ما في القبور فأحرق.

[[انتصابه منافسا لأبي جعفر المنصور]]

فلمّا توفّي أبو العبّاس السفّاح كتب إليه عيسى ابن علي وعيسى بن موسى بن محمد بوفاته وتوليته عهده أبا جعفر عبد الله بن محمّد وعيسى بن موسى بن محمد إن كان بعده. وكان أبو جعفر حاجّا وشخص إليه بالكتاب بذلك أبو غسّان حاجب أبي العبّاس السفّاح ومولاه زياد- ويقال يزيد- والهيثم بن زياد الخزاعيّ. فلمّا قرأ الكتاب قال: إنّ أمير المؤمنين أبا العباس السفّاح ندب الناس إلى مروان فتثاقلوا عنه فقال: «من انتدب له

من أهل بيتي فهو الخليفة بعدي»، فانتدبت له.

فصدّقه أبو غسّان وسلّم عليه بالخلافة. ووعظه الهيثم فقال له: نشدتك الله أن تهيج الفتنة وتعرّض نفسك وأهل بيتك للهلكة وزوال النعمة.

وخطب عبد الله بن عليّ فقال: «إنّ أمير المؤمنين رحمه الله استخلفني» فصدّقه أبو غسّان وكذّبه الهيثم فأمر به فضربت [٢٤٠ أ] عنقه.

وقال المدائني: كتب أبو العبّاس إلى عبد الله بن عليّ يأمره بغزو الصائفة فوافاه خبر وفاته وهو ممّا يلي درب الحدث- يريد دخوله بلاد الروم- فدعا عبد الحميد بن ربعي الطائيّ، وخفاف بن منصور المازنيّ، ونصير بن المحتفر المزني، وحبّاش بن حبيب الطائيّ فقال: «إنّ أبا العبّاس وجّهني إلى مروان على أن جعل لي الأمر بعده». فقاموا فسلّموا عليه بالخلافة. وأرسل إلى الحكم بن ضبعان الجذاميّ، وزفر بن عاصم الهلاليّ، وبكّار بن مسلم العقيليّ، وعثمان بن سراقة بن عبد الأعلى بن سراقة الأزديّ فقال لهم مثل مقالته لأبي غانم وأصحابه، فقال بكّار: أنا سهمك!

وقال زفر: إنّكم أهل البيت لم تطمعوا في بني أميّة حتّى اختلفوا، فأنا أحذّرك الاختلاف، فإن اجتمع أمرك وأمر من بالأنبار عززتم، وإن اختلفتم فهي الفتنة.

وقال ابن ضبعان: إن كان عهد إليك وعقد لك عند وفاته فقد كفيت [ ... ]، وإلّا فلست من الأمر على ثقة.

وقال له ابن سراقة: إنّ بلاءك عند أهل الشام غير جميل، فلن ينفعك إلّا مثلي، ممّن لك عنده بلاء حسن وأياد متظافرة، أو رجل صاحب فتنة يلتمس أن يدرك فيها شرفا.


(١) هكذا في المخطوط، ولم نفهمها. ونبش قبور الأمويّين مذكور في المروج ٢٢٢٣.
(٢) السلاميات والسلامى: عظام الرّجل، أمّا الشئون فعظام الرأس.
(٣) الفوّة: نبات ذو عروق دقاق يصبغ بها ويداوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>