للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المفسدون فأخرج المنصور في طلبهم عسكرا فقتلوا منهم خلقا كثيرا وأسروا مائة وأربعة عشر، فقطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وسملت أعينهم.

وفي يوم الاثنين لإحدى عشرة خلت من صفر سنة تسع وثلاثين، عزل عليّ بن أبي شعيب عن قضاء المنصوريّة بزرارة بن أحمد، وعمره تسعون سنة، فخافه الخاصّة فعزله في آخر شهر رمضان وولّا [هـ] قضاء المهديّة. واستدعى أبا حنيفة النعمان بن محمّد قاضي طرابلس فولّاه قضاء المنصوريّة في أوّل سنة أربعين وثلاثمائة وخلع عليه. وولّى حسن بن أحمد بن أبي الدبس قضاء طرابلس (١).

وفي المحرّم منها [سنة ٣٤٠] أخرج المنصور أسطولا عظيما إلى صقليّة لغزو بلاد الروم.

وأخرج فرجا الصقلبيّ في عسكر عظيم إلى صقليّة، فسار معه الحسن بن عليّ إلى قلوريّة، ولقيا ملجان (٢) الروميّ، ومعه ثلاثون ألفا، وكان بينهم قتال شديد نصر الله فيه المسلمين، وعاد فرج

إلى المهديّة [١٩٩ ب] بالغنائم والسبي في صفر.

[الإعذار الجماعيّ سنة ٣٤٠] (٣):

وفيها أمر المنصور بكتابة أولاد القوّاد ووجوه الدولة والجند وضعفاء الناس من أهل القيروان وغيرها، ليختنوا، وأعدّ لهم الكسى والصلات، فبلغوا أكثر من عشرة آلاف (٤). فابتدروا إلى ختانهم يوم السبت لستّ بقين من ذي الحجّة، ودام إلى سابع محرّم سنة إحدى وأربعين، وعمل ولائم فأطعم خاصّة الناس وعامّتهم، وأعطى الصبيان على قدر مراتبهم ما بين مائة دينار وكسوة رفيعة إلى مائة درهم وكسوة. وتسامع الناس بذلك من كلّ ناحية فكثروا حتّى كان يختن في كلّ يوم ألف وخمسمائة وأكثر وأقلّ. وأقام على ذلك سبعة عشر يوما بلغت عدّتهم مائة ألف. فبلغ ما أنفقه في هذا الختان مائتي ألف دينار. وفي نسخة (٥): ويقال إنّه أنفق نحو ألف ألف دينار في هذه الأيّام. وحدث في البلد عند ذلك أفراح عظيمة لم ير أحد قبلها مثلها.

وفي يوم الثلاثاء، النصف من ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين، وصل رسول من القسطنطينية في طلب الموادعة والهدنة، ومعه هديّة عظيمة.

فأظهر المنصور من عزّة الإسلام وقوّة أهله أمرا عظيما وأنزل الرسول.

وفيها أخذ معبد بن خزر الزناتي صاحب أبي يزيد النكّاري أسيرا مع ابنه، فقدما لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة، فقتلا بعد ما شهّرا (٦).


(١) في المخطوط: زرارة بن محمّد. وسيأتي اسمه في آخر الترجمة: زرارة بن أحمد. وقال أبو العرب المتوفّى سنة ٣٣٣: تشرّق زرارة بن أحمد فولّاه عبيد الله قضاه المهديّة وهو في مذهب الشيعة من الغالين، وهو قاضيها إلى اليوم (طبقات ٢٤١) فلا مانع من أن يكون تولّى القضاء بالمهديّة على فترتين، بينهما ستّة أشهر في قضاء المنصوريّة.
وفي خصوص قدوم النعمان من قضاء طرابلس إلى قضاء المنصوريّة، ينبغي إصلاح ما أثبتناه في طبعتنا الأولى للمجالس والمسايرات، ٥٧، حيث قلنا إنّه تولّى قضاء المنصوريّة سنة ٣٣٧ وانظر الطبعة الثانية ص ٤٧ و ٥٣.
هذا، ولا نعرف ابن أبي الدبس، القاضي المذكور على طرابلس.
(٢) حاولنا في طبعتنا لعيون الأخبار، ٤٨٧ أن نضبط هذا الاسم.
(٣) سيقيم المعزّ بعده ختانا جماعيّا في ربيع الأوّل سنة ٣٥١ (المجالس والمسايرات ٥١٥).
(٤) عند ابن حمّاد (أخبار، ٣٩): كانوا ألف صبيّ لا غير، ولكنّه يميل إلى انتقاصهم.
(٥) لم يقل لنا المقريزي ما هذه النسخة.
(٦) هذا الثائر هو في الحقيقة ابن للزعيم الزناتي محمّد بن-

<<  <  ج: ص:  >  >>