للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القعدة سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة.

والطحاويّ نسبة إلى طحا بفتح الطاء والحاء المهملتين: قرية من صعيد مصر.

والحجري بفتح الحاء المهملة وسكون الجيم، نسبة إلى حجر الأزد.

وقال ابن يونس: وكان ثقة ثبتا فقيها عاقلا لم يخلف مثله.

[تحوّله من الشافعيّة إلى الحنفيّة]:

وقال الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن عليّ الشيرازيّ في كتاب طبقات الفقهاء: وإليه انتهت رئاسة أصحاب أبي حنيفة بمصر. وأخذ العلم عن أبي جعفر ابن أبي عمران، وعن أبي خازم وغيرهما. وكان شافعيّا، يقرأ على أبي إبراهيم المزنيّ، فقال له يوما: «والله لا جاء منك شيء! » فغضب من ذلك وانتقل إلى ابن أبي عمران. فلمّا صنّف مختصره، قال: «رحم الله أبا إبراهيم، لو كان حيّا لكفّر عن يمينه! » وصنّف: اختلاف العلماء، والشروط، وأحكام القرآن، ومعاني الآثار.

وقال أبو سليمان بن زبر: قال لي أبو جعفر الطحاويّ: أوّل من كتبت عنه الحديث المزنيّ [وأخذت بقول الشافعيّ. فلمّا كان بعد سنين، قدم أحمد بن أبي عمران قاضيا على مصر فصحبته]، وأخذت بقوله- وكان يتفقّه للكوفيّين- وتركت قولي الأوّل. فرأيت المزنيّ في المنام وهو يقول لي: يا أبا جعفر، اغتصبت (١)!

[٩٥ أ] وذكر أنّ امرأة أتت أبا جعفر برقعة، فزعمت أنّها مسألة أرسلت إليه فنظر فإذا فيها [الخفيف]:

رحم الله من دعا لغريب ... باجتماع لعاشق وحبيب (٢)

فطواها ورماها إليها وقال: ليس هذا المكان الذي بعثت إليه يا امرأة، غلطت!

[لباقته وأريحيّته]:

ونقل المحبّ ابن النّجار عن أبي الحسين التنيسيّ قال: كنت عند أبي جعفر الطحاويّ فجاءته رقعة فيها مسألة سئل جوابها فقرأت المسألة والجواب فإذا فيها [الطويل]:

أبا جعفر، ماذا تقول، فإنّه ... إذا نابنا أمرّ، عليك يعوّل

ولا تنكرن قولي وأبشر برحمة ... من الله في الأمر الذي عنه نسأل

أبالحبّ عار أم من العار تركه ... وهل من لحا أهل الصبابة يجهل؟

وهل بمباح في الهوى قتل مسلم ... يهاجره أحبابه ويواصل؟

فرأيك في ردّ الجواب فإنّه ... بما فيه تقضي أيها الشيخ نفعل

فكتب الجواب:

سأقضي قضاء في الذي عنه تسأل ... وأحكم بين العاشقين فأعدل

فديتك ما بالحبّ عار علمته ... بل العار ترك الحبّ إن كنت تعقل

وليس يباح عندنا قتل مسلم ... بلا ترة، بل قاتل النفس يقتل

ووصلك من تهوى، وإن صدّ، واجب ... عليك، كذا حكم المتيّم يفصل [١٥٨ ب]


(١) في المخطوط: اغتصبتك. ولعلّها: اغتصبك، بالإسناد إلى ابن أبي عمران. هذا وقد حذفنا فقرة بعد هذا تكرّر فيها ذكر الحادثة مع المزنيّ.
(٢) في المخطوط وابن عساكر: وجمع بين ...

<<  <  ج: ص:  >  >>