للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله ونفسي، وأستغفر ممّا سلف منّي إنّه كان غفّارا. فإنّه ليعلم كيف ندمي على ذنوبي، فعليه توكّلت من عظيمها وإليه أنيب، ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم. حسبي الله ونعم الوكيل، وصلّى الله على محمّد نبيّ الهدى.

ولمّا مات حمله ابنه العبّاس وأخوه المعتصم إلى طرسوس فدفناه بدار [ ... ] خادم الرشيد بعد ما صلّى عليه المعتصم، ووكّلوا به حرسا من أهل طرسوس وغيرهم مائة رجل، وأجري لكلّ رجل منهم مبلغ تسعين درهما.

وقال جعفر بن أبي عثمان الطيالسيّ: صلّيت العصر في الرصافة خلف المأمون في المقصورة يوم عرفة. فلمّا سلّم كبّر الناس فرأيت المأمون خلف الدرابزين، وعليه كمّة (١) بيضاء وهو يقول:

لا يا غوغاء! لا يا غوغاء! غدا سنّة أبي القاسم صلّى الله عليه وسلّم. فلمّا كان يوم الأضحى حضرت الصلاة فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال:

الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا [١٢٦ ب]، وسبحان الله بكرة وأصيلا. حدّثنا هشيم بن بشير أنبأنا ابن الشبرمة عن الشعبيّ عن البراء بن عازب عن أبي بردة بن نيار قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من ذبح قبل أن يصلّي فقد أصاب السنّة (٢). الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا. اللهمّ أصلحني واستصلحني وأصلح على يدي!

وقال أحمد بن إبراهيم الموصليّ: كنت بالشمّاسيّة والمأمون يجري الحلبة، فسمعته يقول ليحيى بن أكثم، وهو ينظر إلى كثرة الناس: «أما

تنظر؟ » ثم قال: حدّثنا يوسف بن عطيّة الصفّار عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الخلق كلّهم عيال الله عزّ وجلّ، فأحبّ خلقه إليه أنفعهم لعياله.

(قال) وكنّا عند المأمون بالبذندون فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

الخلق كلّهم عيال الله، فأحبّ عيال الله إلى الله أنفعهم لعياله.

فقال المأمون: أمسك! أنا أعلم بالحديث منك. حدّثنيه يوسف بن عطيّة الصفّار عن ثابت عن أنس بن مالك أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «الخلق عيال الله فأحبّ عيال الله إليه أنفعهم لعياله».

[[صفة المأمون]]

وكان المأمون أبيض ربعة حسن الوجه قد وخطه الشّيب (١*)، تعلوه صفرة، أعين طويل اللحية رقيقها، ضيّق الجبين، على خدّه خال.

ويقال: كان أبيض تعلو لونه صفرة. وكانت ساقاه من سائر جسده صفراوين حتى كأنّهما طليتا بالزعفران.

وقال أبو محمد اليزيدي: كنت أؤدّب المأمون وهو في حجر سعيد الجوهري، فأتيته يوما وهو داخل، فوجّهت إليه بعض خدمه يعلمه بمكاني فأبطأ عليّ. ثم وجّهت إليه آخر فأبطأ فقلت لسعيد: إنّ هذا الفتى ربّما تشاغل بالبطالة وتأخّر؟

قال: أجل. ومع هذا إنّه إذا فارقك يعرم (٢*) على خدمه ويلقون منه أذى شديدا، فقوّمه بالأدب!

فلمّا خرج أمرت بحمله فضربته سبع درر. فإنّه


(١) الكمّة: قلنسوة مدوّرة (دوزي).
(٢) هذا الحديث في سنن ابن ماجة، ٣١٥١ - ٣١٥٤، والنسائيّ، ٧/ ٢٢٢: ذبح الضحيّة قبل الإمام.
(١*) في وصف المأمون، انظر تاريخ بغداد، ١٠/ ١٨٤.
(٢*) في هامش المخطوط: العرم: الشدّة. وفي القاموس:
عرم بالتثليث: اشتدّ وخرج عن الحدّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>