حسين قرابة، لما أقدم عليه، ولكن فرّقت بينه وبينه سميّة.
وقال: قد كنت أرضى من طاعة أهل العراق بدون قتل الحسين. فرحم الله أبا عبد الله! عجّل عليه ابن زياد. أما والله لو كنت صاحبه ثمّ لم أقدر على دفع القتل عنه إلّا بنقص بعض عمري لأحببت أن أدفعه عنه، ولوددت أنّي أتيت به سالما.
ثمّ أقبل على عليّ بن الحسين فقال: أبوك قطع رحمي ونازعني سلطاني فجزاه الله جزاء القطيعة والإثم.
فقال علي بن الحسين: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها [الحديد: ٢٢].
فقال يزيد لابنه خالد بن يزيد: أجبه!
فلم يدر ما يردّ. فقال يزيد: وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ [الشورى: ٣٠].
فقام رجل من أهل الشام فقال: إنّ سبا [يا] هم لنا حلال.
فقال عليّ بن الحسين: كذبت ول [ؤ] مت! ما ذاك لك إلّا أن تخرج من ملّتنا وتأتي بغير ديننا.
فأطرق يزيد مليّا ثمّ قال للشاميّ: اجلس!
وفي رواية، قام رجل من الشام أحمر فقال: هب لي هذه الجارية- يعني فاطمة بنت عليّ. فأرعدت، فقالت زينب: كذبت والله، ما ذلك لك ولا له!
فغضب يزيد وقال: إنّ ذلك لي، لو شئت لفعلت.
فقالت: لا، إلّا أن تخرج من ملّتنا وتدين بغير ديننا.
فغضب وقال: إنّما خرج من الدين أبوك وأخوك.
فقالت: بدين الله، وبدين أبي وجدّي اهتديت أنت وأبوك وجدّك.
فقال: كذبت!
فقالت: أنت أمير [مسلّط] تشتم ظالما وتقهر بسلطانك.
فكأنّه استحيى. وأعاد الشاميّ، فقال: اغرب! وهب الله لك حتفا قاضيا!
[[إرجاع نساء الحسين إلى المدينة]]
ثمّ أمر بالنساء فأدخلن على نسائه. وأمر نساء أبي سفيان فأقمن المأتم على الحسين ثلاثة أيّام.
فما بقيت منهنّ امرأة إلّا تبكي وتنتحب على الحسين ثلاثا. وبكت أمّ كلثوم بنت عامر بن كريز على الحسين، وهي يومئذ عند يزيد بن معاوية. فقال يزيد: حقّ لها أن تعول على كبير قريش وسيّدها.
وقالت فاطمة بنت عليّ لامرأة يزيد: ما ترك لنا شيء.
فأبلغت يزيد ذلك فقال يزيد: ما أتى إليهم أعظم. ثمّ ما ادّعوا شيئا ذهب لهم إلّا أضعّفه لهم.
وقال: أتدرون من أين أتى حسين؟ لأنّه كان يقول: أبي خير من أبيه، وأمّي خير من أمّه، وجدّي رسول الله خير من جدّه، وأنا خير منه.
فأمّا قوله: أبي خير من أبيه، فقد حاجّ أبي أباه إلى الله وعلم الناس أيّهما حكم له. [وأمّا قوله: أمّي خير من أمّه، فلعمري فاطمة ابنة رسول الله صلّى الله عليه وسلم] خير من أمّي. [وأمّا قوله: جدّي خير من جدّه، فلعمري ما أحد يؤمن بالله واليوم الآخر يرى لرسول الله فينا عدلا ولا ندّا]. ولكنّه إنّما أتى من قبل فقهه ولم يقرأ: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ [آل عمران: ٢٦].
ثمّ دعا بعليّ بن الحسين، وحسن بن الحسن، وعمرو بن الحسن. فقال لعمرو بن الحسن- وهو