للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فاختاروا الطفيل بن عامر بن واثلة- وهو المقتول مع عبد الرحمن بن الأشعث- ومحمد بن نشر، وأبا المعتمر، وهاني بن قيس، فأمرهم ابن الحنفيّة بكتمان أمرهم. وأمر لهم بأربع نجائب، وأجّلهم لذهابهم ومجيئهم ستّا وعشرين ليلة.

[استنجاد ابن الحنفيّة بالمختار الثقفيّ]

فلمّا هدأت العيون ونام طالع الكلاب (١) ورمق الحرس فوجدهم نياما مستثقلين، دفع إليهم كتابا منه إلى المختار بن أبي عبيد، وإلى من قبله من الشبعة يخبرهم فيه بحالهم وما يتخوّفون من ابن الزبير ويقول فيه: يا غوثنا بالله! يا غوثنا بالله! وقال: إن رأيتم منهم ما تحبّون حمدتم الله على ذلك. وإن رأيتم منهم تقصيرا فأعلموا الناس ما جاء بكم، والحالة التي تركتمونا عليها.

فلمّا قرأ المختار الكتاب دعا أصحابه فقرأه عليهم، فوثب جميع من في القصر يبكون ويضجّون ويقولون للمختار: سرّحنا إليه وعجّل!

فخطب المختار الناس وقال: هذا كتاب مهديّكم، وصريخ أهل بيت نبيّكم، ومن معهم إخوانكم قد تركوا محظورا عليهم حظر كزرب الغنم ينتظرون القتل والتحريق بالنار، في آناء الليل وتارات النهار. لست بأبي إسحاق إن لم أنصرهم نصرا مؤزرا وأصرف إليهم الخيل في آثار الخيل كالسيل يتلوه السيل [١٢٨ أ] حتّى يحلّ بابن الكاهليّة (٢) الويل.

وأنفذ المختار جواب كتاب ابن الحنفيّة مع محمد بن نشر والطفيل ابن أبي الطفيل عامر بن

واثلة. واحتبس قبله أبا المعتمر وهاني بن قيس ليسرّح معهما جيشا. ثمّ وجّه أبا عبد الله ابن عبد، من ولد واثلة بن عمرو بن تاج بن يشكر بنعدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان- وهو الذي يعرف بأبي عبد الله الجدليّ لأنّ أمّ عدنان بن عمرو وفهم بن عمرو يقال لها: جديلة، فهم ينسبون إليها- في سبعين راكبا. ووجّه أيضا عقبة بن طارق الجشميّ في أربعين راكبا، ويونس بن عمرو بن عمران الجابريّ في أربعين راكبا. وكان يونس قد رجع إلى الكوفة قبل شخوص هؤلاء الأربعة النفر.

فسار هؤلاء المائة والخمسون ومن عليهم حتّى وافوا مكّة، ومحمد بن الحنفيّة وأهل بيته وأولئك القوم قد أعدّ لهم عبد الله بن الزبير الحطب ليحرّقهم بالنار حتّى يبايعوه، فعقل القادمون رواحلهم وكبّروا ونادوا: يا لثارات الحسين! ثمّ شدّوا على الحرس الموكّلين بابن الحنفيّة وأصحابه فطردوهم، ودخلوا عليه يفدونه بآبائهم وأمّهاتهم ويقولون: خلّ بيننا وابن الزبير!

فقال: لا أستحلّ القتال في الحرم!

وقال ابن الزبير: فوا عجبا من هذه الخشبيّة التي اغتزوني في سلطاني ينعون حسينا كأنّي أنا قاتل حسين. والله لو قدرت على قتلته لقتلتهم! - وكان دخولهم على ابن الزبير، وفي أيديهم الخشب، كراهة أن يشهّروا في الحرم والمسجد الحرام السيوف. وقال بعضهم: بل وثبوا على الخشب الذي كان ابن الزبير جمعه حول زمزم لإحراق ابن الحنفيّة، وأخذ كلّ امرئ منهم بيده خشبة فسمّوا «الخشبيّة».

وأقبل ابن الزبير على أبي عبد الله الجدليّ وأصحابه فقال: أتروني أخلّي سبيل صاحبكم دون أن يبايع وتبايعوا؟


(١) هكذا في المخطوط، ولعلّ طالع الكلاب هو العسس بالكلاب، أو طائفة من الحرس الليليّ.
(٢) حاشية في الهامش: ابن الكاهليّة: عبد الله بن الزبير، وذلك أنّ أمّ خويلد أبي العوّام [هي] زهرة بنت عمرو بن خنتريس بن خنتر من بني كاهل بن أسد بن خزيمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>