للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحافظ، وهو الملقّب سعيد السعداء. وهو صاحب الخانقاه التي صارت بعده لصلاح الدين، فوقفها على الفقراء برحبة العيد بالقاهرة.

وكان موت هذا الخادم في شوّال سنة أربع وأربعين وخمسمائة: أمر الخليفة بأن يحرق بالنار فأحرق عند باب البحر ورمي برأسه، وعلّق بباب زويلة، وكان جنى جناية اقتضت عقوبته بذلك.

٩٨٦ - بهرام تاج الملوك الأرمنيّ [- ٥٣٥] (١)

[٢٦٦ أ] بهرام بن أسيد، الوزير سيف الإسلام، تاج الملوك، الأرمنيّ.

كان يزعم أنّه من نسل داود عليه السلام. وكان من جملة الأرمن [٢٦٦ أ] الواصلين إلى ديار مضر من قلعة الروم، وسكن مع الأرمن في ناحية تلّ باشر (٢) مدّة. فلمّا مات كبير الأرمن، كان بهرام أحقّ بمكانه، فتعصّب عليه جماعة من الأرمن وأقاموا غيره. فغضب وخرج من تلّ باشر وقدم القاهرة. وقتل يازمان القائم بأمر الأرمن في قلعة الروم، وكان بهرام أحقّهم بموضعه، فمنع وقام غيره بتعصّب وقع (٣). فترك البلاد وخرج منها مغاضبا إلى القاهرة، وصار من الجند.

وكان ذا عقل متوفّر ورأي صائب وإقدام في

الحروب، فزيد في إكرامه لأجل ذلك وترقّى في الخدم [و] لقّب بتاج الدولة. وخرج مع المؤتمن أبي تراب حيدرة أخي الوزير المأمون البطائحيّ مقدّما على طائفة الأرمن حين توجّه لغزو لواتة في سنة سبع عشرة وخمسمائة وشهد حروبه، ثمّ عاد إلى القاهرة.

وما زال بها إلى أن كانت فتنة الحسن، ابن الخليفة الحافظ لدين الله، ففرّ منه إلى الغربيّة وجمع مقطعيها (٤) والعربان والأرمن، وسار يريد القاهرة، وقد عاثت حشوده في القرى والضياع ونهبوها، وكثرت الفتن بالقاهرة بين الأجناد والسودان حتى أخرج السودان بعد قتل حسن الطائفة الجيوشيّة والفرجيّة والإسكندرانيّة من القاهرة وقتلوا كثيرا منهم ونهبوا ما قدروا عليه.

فلمّا قدم بهرام بحشوده، تعلّق الأجناد به وأدخلوه على الخليفة وألزموه أن يوليه الوزارة، فلم يجد بدّا من إجابتهم، وخاف أن تثور الفتنة مرّة أخرى. فخلع عليه يوم الجمعة سادس عشر جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وخمسمائة- وقيل: لإحدى عشرة خلت منه- وهو باق على دينه النصرانيّة ونعت بسيف الإسلام تاج الخلافة فاشتدّ ذلك على الخليفة.

واقتضى الحال توليته، فقيل له: يا أمير المؤمنين، إنّه نصرانيّ لا يرضاه المسلمون، ومن شرط الوزير أن يرقى مع الإمام المنبر في الأعياد ليزرّر عليه المزرّة الحاجزة بينه وبين الناس، والقضاة نوّاب الوزراء من زمن أمير الجيوش ويذكرون النيابة عنهم في الكتب الحكميّة النافذة عنهم إلى الآفاق وكتب الأنكحة.


(١) الاتّعاظ ٣/ ٩٧ ثمّ ١٥٥ إلى ١٦٢ ثمّ ١٧٥. ابن ميسّر (ماسّي) ٧٩، والمنتقى (فؤاد أيمن السّد) ١٢٣؛ النجوم ٥/ ٢٤٢؛ دائرة المعارف الإسلاميّة ١/ ٩٦٨.
ويأتي في أعلى الصفحة ٢٦٦ أمن الأوراق الإضافيّة- وهو رقم موافق لرقم صفحة السليميّة عرضا- هذا العنوان الغليظ: الجزء الثاني من تاريخ المقريزي بخطّه.
(٢) تلّ باشر شماليّ حلب، وقلعة الروم غربيّ الفرات بين بيرة وسميساط (ياقوت)، ولعلّ تنقّلهم الأوّل كان إلى ديار مضر كما أثبتنا.
(٣) التعبير غامض: أي تعصّبوا ضدّه.
(٤) المقطعون: لعلّهم أصحاب الإقطاعات أي الأراضي الجبائية (دوزي).

<<  <  ج: ص:  >  >>