للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: على ماذا أركب؟

قال: يا أخي، على عنقي.

فحملني على عنقه ثلاث منازل.

وقال إبراهيم بن بشّار [الرطابي: بينا] أنا وإبراهيم ابن أدهم، وأبو يوسف الغسوليّ، وأبو عبد الله السنجاريّ، نريد الإسكندرية، فمررنا بنهر الأردن فقعدنا نستريح. وكان مع أبي يوسف كسيرات يابسات، فألقاها بين أيدينا فأكلنا وحمدنا الله.

فقلت: «أسعى أتناول ماء لإبراهيم». فبادر إبراهيم فدخل النهر حتى بلغ الماء إلى ركبتيه، فمال بكفّيه في الماء فملأهما ثمّ قال: باسم الله- وشرب الماء.

ثمّ إنه خرج من النهر ومدّ رجليه وقال: يا أبا يوسف، لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم والسرور، لجالدونا بالسيوف أيام الحياة على ما نحن فيه من لذيذ العيش وقلّة التعب.

فقلت: يا أبا إسحاق، طلب القوم الراحة والنعيم فأخطئوا الطريق المستقيم.

فتبسّم، ثمّ قال: من أين لك هذا الكلام؟

وقال خلف بن تميم: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول: رآني ابن عجلان فسجد. وقال: أتدري لم سجدت؟

قلت: لا.

قال: سجدت شكرا لله حين رأيتك.

وقال شقيق بن إبراهيم [البلخيّ]: قلت لإبراهيم بن أدهم: تركت خراسان؟

فقال: ما تهنّأت بالعيش إلّا في الشام، أفرّ بديني من شاهق إلى شاهق. فمن يراني يقول:

موسوس، ومن رآني يقول: حمّال. يا شقيق، لم ينبل عندنا من نبل بالحجّ ولا بالجهاد، إنّما نبل من كان يعقل ما يدخل في جوفه من حلّه.

وقال خلف بن تميم عن إبراهيم بن أدهم قال:

قدمت الشام من أربع وعشرين سنة، ما جئت لرباط ولا لجهاد.

فقلت: لم جئت؟

قال: جئت لأشبع من خبز الحلال.

وعن إبراهيم أنّه قال: الزهد ثلاثة: زهد فرض، وزهد فضل، وزهد سلامة، فالأوّل:

الزهد في الحرام. والثاني: الزهد في الحلال.

والثالث: الزهد في الشبهات.

وقال: الحزن حزنان: حزن لك وحزن عليك.

فالأوّل، حزنك على الآخرة. والثاني حزنك على الدنيا.

[[الكلام النافع]]

وقال أبو إسحاق الفزاري: كان إبراهيم بن أدهم يطيل السكوت، فإذا تكلّم ربما انبسط.

فأطال ذات يوم السكوت، فقلت له: لو تكلّمت؟

فقال: الكلام على أربعة أوجه:

فمن الكلام كلام ترجو منفعته وتخشى عاقبته، فالفضل في هذا، والسلامة منه.

ومن الكلام كلام ترجو منفعته ولا تخشى عاقبته. فأقلّ ما لك في تركه خفّة المؤونة على بدنك ولسانك.

ومن الكلام كلام لا ترجو منفعته ولا تأمن عاقبته. فهذا قد كفي العاقل مؤونته.

ومن الكلام كلام ترجو منفعته وتأمن عاقبته.

فهذا يجب نشره.

فقيل لأبي إسحاق: أراه قد أسقط ثلاثة أرباع الكلام.

قال: نعم.

وعن إبراهيم بن أدهم قال: أعربنا في الكلام

<<  <  ج: ص:  >  >>