للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المحرّم [٢٢٤ أ] سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة.

وكان كريما حشما جميلا ذكيّا، يركب مع عماه إلى الصيد، فكأنّه ذو عينين، لا يخطئ في حركة من الحركات، ما بين إرسال الجارح على الصيد وسوق الفرس تحته ونحو ذلك. وإذا وقف له أحد وأسمعه حسّه رماه بالبندق فلا يخطئه. وكانت مواهبه وعطاياه خارجة عن الحدّ في الكثرة.

وكان السلطان الملك الناصر يعزّه إذا حضر إليه ويكرمه ويسائله عن حوائجه، يقول: ما أحسن إليّ أحد بعد موت أبي ما أحسن إليّ [أنص] (١) هذا. وكانت إخوته تسيء عليّ الأدب وتهينني، فإذا بلغه ذلك عنهم أخرق بهم، وطلبني، وأكرمني، وأجلسني على مخدّة، ويرضيني بكلّ شيء حسن، ولا يخاطبني إلّا ب «سيّدي» ويبرّني بذهب له صورة.

فلمّا مات أكرم السلطان أولاده وأقرّهم على أوقافهم، واشترت خوند طغاي أمّ أنوك (٢) دار أبيه كتبغا بالقاهرة بمائة وعشرين ألف درهم.

٨٤٥ - أنوشتكين الدزبري [- ٤٣٣] (٣)

[٢٢٩ أ] أنوشتكين أبو منصور الدزبريّ التركيّ الختني.

كان يلقّب بالأمير المظفّر، أمير الجيوش، عدّة الإمام، سيف الخلافة، عضد الدولة، شرف المعالي، منتخب الدولة، مصطفى الملك.

ولد بختن (٤) من بلاد ما وراء النهر. وسبي فبيع

بكاشغر. وهرب منها إلى بخارى فاسترقّ بها وحمل إلى بغداد وبيع بها. وجلب إلى الشام، فاشتراه بدمشق القائد دزير (٥) بن أونيم الديلمي في سنة أربعمائة، وربّاه فعرف بالشهامة والشجاعة وإصابة الرأي. واشتهر ذكره حتى اتّصل خبره بالخليفة الحاكم بأمر الله أبي علي منصور ابن العزيز، فاستدعى به من القائد دزبر فحمله إليه ومعه هديّة سنيّة، وسيّره من دمشق فدخل إلى القاهرة في سنة ثلاث وأربعمائة.

ومثل بحضرة الحاكم فجعله من جملة الغلمان الحجريّة، وظهر منه عقل وأدب وشجاعة وفطنة وذكاء فأمره بلزوم الخدمة في سنة خمس وأربعمائة. فواظب خدمة الحاكم فأعجب به، وأحبّه الأجناد، فطوّقه الحاكم وسوّره وجعله قائدا وبعثه إلى الشام مع سديد الدولة ذي الكفايتين أبي الحسن علي بن أحمد المعروف بالضيف في سنة ستّ وأربعمائة.

فلمّا قدم دمشق تلقّاه دزبر الذي كان أستاذه وترجّل له عن فرسه إلى الأرض وقبّل يده وأهدى إليه عدّة هدايا. فلمّا عاد إلى القاهرة من هذه السفرة، لازم الخدمة. ثم خلع عليه وجرّد في السفارة (٦).

ثم ولي بعلبك فظهر منه عدل في أحكامه وإنصاف للرعيّة. وكثر الثناء عليه. فاستدعي إلى القاهرة، وسار حتى بلغ العريش. وتلقّاه كتاب [ب]- ولاية قيساريّة فتأفّف من ذلك، وسار إليها من العريش. ثمّ إنّه استدعي من قيساريّة إلى الحضرة. فلمّا وافى الرملة خرج إلي [هـ] سجلّ بولاية فلسطين [من] قبل الظاهر لإعزاز دين الله


(١) الزيادة من الدرر ١/ ٤٤٦.
(٢) هي زوجة الناصر ابن قلاوون (ت ٧٤٩).
(٣) الوافي ٩/ ٤٢٥ (٤٣٦١)، ذيل تاريخ دمشق ٧١، تحفة ذوي الألباب ٢/ ٢٩.
(٤) ختل باللام في الذيل.
(٥) الشكل من المقريزيّ. وفي رسالة كانار عن الحمدانيّين ص ٦٥٠: دزبر بن أوينم.
(٦) في السيادة بخطّ المقريزيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>