للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال عبد الملك: قد أعطيناك عهدا وموثقا، ولا سبيل إلى قتلك. والله لا تساكننّي في بلد أبدا، فالحق بحيث شئت وانزل من الأرض حيث أحببت!

قال: فإنّي أختار مصر.

فنزل مصر. وكان يرى رأي الصفريّة. فلمّا مات عبد الملك، كتب الحجّاج إلى الوليد بن عبد الملك أنّ ذمّة عبد الملك أمير المؤمنين قد وفت، ولا أمان لعدوّ الله جوّاز الضبّيّ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يبعث به إليّ فليفعل!

فكتب الوليد إلى قرّة بن شريك العبسيّ، وكان عامله على مصر أن ابعث [٤٠٢ ب] إليّ بجوّاز الضبيّ.

فبعث به إليه. فلمّا رآه قال: انطلقا به إلى الحجّاج!

قال: إنّي في أمان أبيك، وأنا في ذمّته.

قال: لا بدّ من الحجّاج!

قال: مثلك والله أخفر (١) أباه واستهان بذمّته.

فلمّا قدم به على الحجّاج، قال: جوّاز؟

قال: نعم.

قال: أبلغ من أمرك أن تردّ على أمير المؤمنين؟

قال: فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا [طه: ٧٢].

فقال الحجّاج لصالح بن عبد الرحمن: قم فاضرب عنقه.

فمشى إليه فضرب عنقه خوفا من الحجّاج.

وكان يستغفر الله من ذلك، وذلك أنّ صالحا كان يرى رأي الخوارج (٢)، وكان يزيد ابن أبي مسلم

مولى الحجّاج يعاديه. فلمّا جيء بجوّاز أراد يزيد مكايدة صالح وأشار بأن يتولّى قتل جوّاز. فإن فعل اغتالته الخوارج، وإن أبى قتله الحجّاج.

فقال الحجّاج: قم إليه فاضرب عنقه!

قال صالح: لمّا دعوت بالسيف أردت أن أطرحه فخفت أن يسبي الحجّاج بناتي. وو الله ما دعاني إلى قتله رغبة في الحياة، ولكن خفت عليهنّ.

ومشى صالح فقتله. ثمّ لم يزل خائفا من الخوارج حتّى عذّبه عمر بن هبيرة في زمن يزيد بن عبد الملك، ثمّ طرح على مزبلة على باب العذاب، وبه رمق. فسمع على المزبلة وهو يقول: لا حكم إلّا لله! استغفر الله من قتل جوّاز.

اللهمّ اغفر لي ولا أراك تفعل!

١٠٩٩ - هزار الملوك الأمير جوامرد [- ٥٢٤] (٣)

[٤٠٣ أ] جوامرد، الأمير الأفضل، هزار الملوك.

كان هو والعادل برغش أخصّ غلمان الخليفة الآمر بأحكام الله أبي عليّ المنصور [ابن المستعلي] حتى إنّه وهب لهما في يوم واحد مائتي ألفدينار عينا.


- كان أبوه من سبي سجستان، ومهر في الكتابة وكتب لزاذان فرّوخ كاتب الحجّاج حتى قتل في فتنة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فاستكتبه الحجّاج بعد زاذان وقلب الدواوين من الفارسيّة إلى العربيّة، وكان على خراج العراق في أيّام يزيد بن المهلّب بن أبي صفرة. وهذا الندم من القاتل مذكور في الكامل للمبرّد ٢/ ١٩٦.
(١) خفر العهد وأخفره: وفى به أو نقضه (من الأضداد).
(٢) حاشية تعرّف بصالح بن عبد الرحمن: مولى بني سعد، -
(٣) خبر جوامرد وبرغش في الاتّعاظ ٣/ ١٣٧؛ والنجوم ٥/ ٢٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>