للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويجاريهم في عدّة فنون من فقه وغيره. وكان حنفيّ المذهب، وله اختصاص بالشيخ تقيّ الدين السّبكيّ، وهو الذي نوّه به.

وشغف بالكتب فاقتنى منها شيئا كثيرا. وكان يؤنّث المذكّر في خطّه ويعظّم وظيفته ويتبجّح بها.

ولم يزل مشهورا من صغره إلى وفاته بالخير وحسن الطريقة.

وأنشأ دارا بالشارع خارج باب زويلة بلغت النفقة على بوّابتها خاصّة مائة ألف درهم، عرفت بعده بالقردميّة، ثم عرفت ببيت محمود فلمّا كادت الدار أن تفرغ عمارتها عمل فيها الجاي مجتمعا تليت فيه ختمة شريفة بالغ في الاحتفال فيه، وحضره عامّة أهل العلم فلم يمتّع بهذه الدار ومرض بعد ذلك بقليل، فطلب من السلطان الإذن في نزوله إلى داره، فأذن له في ذلك. فقيل له فيه، فقال: أنا أدرى بخلق أستاذي، قد يكون في خاطره أن يولّي الدواداريّة أحدا غيري.

ونزل إليها، فلم يزل صاحب فراش حتى مات واستقرّ عوضه الأمير صلاح الدين يوسف المهمندار دوادار [ا].

٨٣١ - الجيبغا المظفّريّ [- ٧٥٠] (١)

[٢٠٣ أ] الجيبغا المظفّريّ، الأمير سيف الدين.

رقّاه السلطان الملك المظفّر حاجيّ بن محمد بن قلاوون بحيث لم يكن عنده أحد في رتبته حتى زالت دولته، والجيبغا أحد أمراء المشور الذين تصدر الأوامر عنهم. فأخرج إلى دمشق في أوائل سلطنة الناصر حسن على إقطاع

الأمير لاجين أمير أخور صحبة الأمير طقبغا وطلب لاجين [إلى مصر] في تاسع عشر ربيع الآخر سنة تسع وأربعين وسبعمائة، واتّهم أنّه أراد الفتنة.

ثم نقل من الإمرة بدمشق إلى نيابة طرابلس [٢١٩ ب] عوضا عن الأمير بدر الدين أمير مسعود بن خطير في أثناء شعبان منها. فلم يزل إلى أوائل شهر ربيع الأول سنة خمسين، [ف] استأذن الأمير أرغون شاه نائب الشام في التصيّد بالناعم فأذن له، فسار وأقام على بحيرة حمص أيّاما يتظاهربالصيد.

ثم ركب ليلا بمن معه من عسكر طرابلس وساق إلى خان لاجين ظاهر دمشق وأقام به من الثانية من النهار إلى قبيل الغروب. وركب بمن معه وطرق أرغون شاه نائب الشام، وهو بالقصر الأبلق من الميدان ليلا، وأمسكه وسجنه مقيّدا، وقد عاونه على ذلك الأمير فخر الدين أياز السلحدار.

فلمّا أصبح نزل بالميدان الأخضر وطلب أمراء دمشق وعسكرها، وأخرج كتاب السلطان بإمساك أرغون شاه، فلم يشكّ أحد في ذلك. واحتاط بأموال أرغون شاه وجعلها عنده في القصر الأبلق، وذلك في يوم الخميس ثالث عشرين شهر ربيع الأوّل، وأظهر في يوم الجمعة ثانية بأنّ أرغون شاه قد ذبح نفسه (٢) وجهّز البريد وكتب على يد الأمير أيدمر الشمسيّ إلى السلطان بأنّه أمسك أرغون شاه وأنّه ذبح نفسه (٣).

فلمّا كان يوم الثلاثاء ارتاب الأمراء بدمشق بما هو فيه، فركبوا لحربه ووقفوا تحت القلعة. فركب بمن معه وواقعهم وقتل منهم عدّة وجرح جماعة،


(١) الوافي ٩/ ٣٥٥ (٤٢٨٦)، وأعيان العصر ١/ ٥٩٤ (٣٢٤)، الدرر ١٠٤٧، المنهل ٣/ ٤٤ (٥٢٨)، السلوك ٢/ ٨١٣، النجوم ١٠/ ٢٤٥.
(٢) السلوك ٢/ ٨٠١.
(٣) ذبح روحه في أعيان العصر، وهو تعبير عامّيّ، وثانيه:
أي اليوم الموالي ليوم القبض على أرغون شاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>