للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأكثروا من إلقاء المأكل لهم. فاستمرّ الناس في جمع الكلاب نحو شهر حتى امتلأ بهم الخندق وشنع عوارهم، فقال الشعراء في ذلك وأكثروا.

ثمّ قدم على السلطان في محرّم سنة ثلاثين، فأنعم عليه بمائة ألف درهم من مال مصر، وكتب له من مال دمشق بمائة ألف أخرى، وعاد في رابع عشره.

ثمّ قدم في سادس جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين، وصحبته الأمير أرقطاي نائب صفد، فأكرما وأعيدا إلى محلّ ولاياتهما.

وقدم في سنة اثنتين وثلاثين لحضور عرس الأمير آنوك ابن السلطان، فلمّا انقضى عاد إلى دمشق.

وقدم في صفر سنة ثلاث وثلاثين لهناء السلطان بعوده من الحجّ سالما. وكتب له تقليد بإضافة غزّة إليه. فبلغ إنعام السلطان عليه في هذه النوبة ألف ألف درهم وخمسين ألف درهم سوى الخيل، والسروج، وما له على الشام من عين وغلّة وأغنام. واشتملت أوراق كلفته على ثلاث وعشرين قائمة بما يحتاج إليه، ومن جملته طبلاباز (١) ذهبا صرفا زنتهما ألف مثقال، والقباء الذي يلبسه عند سفره يتقوّم على السلطان بألفي دينار مصريّة فيه ألف وخمسمائة دينار.

[تكرّر قدومه إلى مصر]:

وقدم في محرّم سنة أربع وثلاثين، فأنعم عليه بمائة ألف درهم.

وقدم في سنة ثمان وثلاثين (٢)، فخرج السلطان إلى سرياقوس يريد لقاءه. وبعث إليه أوّلا قوصون بالإقامات، فعمل له سماطا جليلا. ثمّ بعث بأولاده عند ما قرب، وركب في إثرهم. فلمّا قرب ترجّل له السلطان، فترجّلت الأمراء وألقى تنكز بنفسه عن الفرس إلى الأرض، وأسرع في جريه وهو يقبّل الأرض ويقوم وقد دهش، حتى انكبّ على قدمي السلطان يقبّلهما. فأمسك رأسه بيديه وأمره أن يركب، فركب وساير السلطان حتى نزل، فأنعم عليه. وأقام أيّاما وعاد.

[[إكرام الناصر ابن قلاوون له]]

وقدم في سنة تسع وثلاثين ومعه أولاده، فركب السلطان إلى لقائه، ومعه أولاده، إلى بئر البيضاء.

فلمّا قاربه ترجّل له وقبّل رأسه وضمّه إليه بعد ما كان يجيء إليه أمير بعد أمير ويسلّم عليه ويبوس يده وركبتيه راجلا على قدميه، وهو راكب فرسه، وبعد ما خرج إليه الأمير قوصون إلى الصالحيّة بالإقامات. ثمّ سار به السلطان، وقد بالغ في إكرامه، وأنزله بالقلعة على العادة. ثمّ نزل إلى داره التي بخطّ الكافوريّ من القاهرة، وهيّأ تقادم للسلطان والأمراء على قدر منازلهم وحملها إليهم من الغد، فكانت شيئا يجلّ عن الوصف، بلغت قيمتها مائتي ألف دينار وعشرين ألف دينار، ومثلها جوهر بثلاثين ألف دينار، وزركش بعشرين ألف دينار. فأكرمه السلطان بأن أخذ يده في يده وعبر به إلى الدور حتى خرجت إليه ابنته فقبّلت يده. ثم خرجت بنات السلطان جميعهنّ، فصار السلطان يقول لكلّ واحدة منهنّ: بوسي يد عمّك! - فتتقدّم وتقبّل يد تنكز. ثمّ عيّن اثنتين


(١) قال محقّقوا أعيان العصر ٢/ ١١٩ هـ ٢: طبل الباز طبل «ينقر عليه لاستدراج الطيور، ثمّ صار إلى المسحّراتي في ليالي رمضان». وكذلك قال محقّقا تحفة ذوي الألباب ٢/ ٢٣٤ هـ ٣.
(٢) قبل هذه قدم تنكز في ٢ رجب ٧٣٧، وقال المقريزي في السلوك ٢/ ٤١١: وهي القدمة الحادية عشرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>