للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: فإنّي غنيّ.

قال: كم عندك؟

قال: ألفان.

قال: فيسرّك أن تكون عندك أربعة آلاف؟

قال: نعم.

قال: أنت فقير. لا أقبلها.

وقال: لو غسلت وجهي للناس ما كنت إلا مرابيا.

وقال له رجل: لو تزوّجت؟

فقال: لو أمكنني أن أطلّق نفسي لفعلت.

وقال عطاء بن مسلم: نفذت نفقة إبراهيم بمكّة فبقي خمسة عشر يوما يستفّ الرمل.

وقال إبراهيم بن تميم: كنّا مع إبراهيم بن أدهم في بلاد الروم وكانت عليه فروة فنزعها وجعلها تحت إبطه، والدعك (١) قد عمل في جسمه. فقيل له في ذلك، فقال: يكون بجنبي ولا يكون بفروي.

ثم قال: متى أجد ثمانية دراهم أشتر بها فروا!

وقال أبو علي الجرجرائيّ: صلّى إبراهيم بن أدهم خمس عشرة صلاة بوضوء واحد.

وقال عليّ بن بكّار: إنّ إبراهيم بن أدهم يحصد بتلك المزرعة- وأشار بيده إلى أسفل جيحان.

[[إيثاره غيره على نفسه]]

وعن [ ... ] في المسجد مع أصحابه: كنا نحصد رجلين اثنين، فكان إذا كان عند الظهيرة يقيل أصحابه، ثم يدخل هو المدينة فيشتري [١٢ ب] خبز فرنيّ ولبن [ ... ] (٢) وجبن ورطب

وتمر. ثمّ يخرجه فيضعه، ثمّ يستقي ماء باردا فيضعه. ثمّ ينبّههم فيصلّون. ثم يقرّب إليهم ذلك الطعام فيأكلون ذلك الخبز الطيّب والتمر واللبن والجبن والرطب والزبد، وهو صائم، ثمّ ما يذوقه.

وقال أبو إسحاق الفزاريّ: كان إبراهيم بن أدهم يغزو معنا المغازي، فلا يطعم معنا من اللحم، ولا من طرف أرض الروم شيئا. فقلت له:

تدع ذلك وأنت تشتهيه؟

قال: فأين الشهوة؟

فظننت أنّه يشتهيه ويدعه. (قال) وأصابتنا مجاعة بمكّة، فمكث ثمانية أيّام يبلّ الرمل بالماء ويأكله.

وقال بقيّة بن الوليد: صحبت إبراهيم بن أدهم إلى المصيصة، فبينا أنا معه إذا رجل يقول: من يدلني على إبراهيم بن أدهم؟

فأشرت باصبعي إليه ف [ت] قدّم إليه وقال:

السلام عليك ورحمة الله.

قال: وعليك السلام. من أنت؟

قال: أخبرك أنّ أباك توفّي، وخلّف مالا عظيما. وأنا عبدك فلان. وهذه البغلة لك، ومعي عشرة آلاف درهم تنفقها على نفسك وترحل إلى بلخ. والمال مستودع عند القاضي.

فسكت ساعة ثم قال: إن كنت صادقا فيما تقول، فأنت حرّ، والبغلة لك. والمال تنفقه على نفسك- ثم التفت إليّ فقال: هل لك في الصحبة؟

قلت: نعم.

فارتحلنا حتّى بلغنا إلى حلوان. فلا والله ما طعم ولا شرب، وكان يوما مثلجا. فقال: يا بقيّة، لعلّك جائع؟


(١) الدّعك: حكّ الشيء بالشيء مما يترك فيه أثرا. كأنّ الجلد تخدّد وتهرّأ.
(٢) بعد لبن كلمة مطموسة كأنّها صفة للّبن.

<<  <  ج: ص:  >  >>