للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: نعم.

قال: ادخل هذه الغيضة، وخذ منها ما شئت.

(قال) فمضيت فقلت في نفسي: «يوم مثلج، فمن أين لي؟ » ودخلت فإذا بشجرة خوخ. فملأت جرابي وجئت، فقال لي: ما الذي في جرابك؟

قلت: خوخ.

قال: يا قليل اليقين! هل يكون هذا؟ لعلّك تفكّرت في شيء آخر؟ ولو ازددت يقينا لأكلت رطبا كما أكلت مريم بنت عمران في وسط الشتاء.

ثم قال: هل لك في الصحبة؟

قلت: بلى!

فمشينا، ولا والله ما عليه حذاء ولا خفّ حتى بلغنا إلى بلخ. فدخل على القاضي وسلّم عليه وقال: بلغني أنّ أبي توفّي واستودع عندك مالا؟

قال: أمّا أدهم، فنعم. وأمّا أنت فلا أعرفك.

فأراد أن يقوم، فقال القوم: هذا إبراهيم بن أدهم.

فقال: مكانك؟ فقد صحّ لي أنّك ابنه.

قال: فأخرج المال!

قال: لا يمكن إخراجه.

قال: فدلّني على بعضه.

فدلّه على بعضه. فصلّى ركعتين، وتبسّم.

فقال القاضي: بلغني أنك زاهد.

قال: وما الذي رأيت من رغبتي؟

قال: فرحك وتبسّمك.

قال: إنّما فرحي وتبسّمي من صنع الله بأبي.

هذا مال كان حبيسا عن سبيل الله فأعانني الله حتى جئت في إطلاقه، قد جعلتها كلّها في سبيل الله.

ونفض ثيابه وخرج. فقلت له: يا أبا إسحاق، لم تطعم من شهرين!

قال: ذكّرتني! هل لك في الطعام؟

قلت: نعم.

فصلّى ركعتين فإذا حوله دنانير. فحملت دينارا ومضينا.

قال عليّ بن بكّار: وكان إبراهيم بن أدهم لا يردّ هديّة ويكافئ بمثلها. فخرجنا معه يوما نشيّعه، وهو يريد الشام. فلمّا بلغ مكان كذا وأردنا الرجوع نزع إزاره، وكان مؤتزرا به تحت فروة فدفعه إلى أبي إسحاق وقال: بيعوه واشتروا به كذا وكذا وابعثوا به إلى فلان.

فقال له أبو إسحاق: ليس عليك إزار، ولا على جلدك قميص. إنّما هو هذا الفرو، أمسكه، نحن نكافئه عنك!

فأبى. فأخذناه منه.

وأهدى إليه رجل عنبا وتينا على طبق. فلم يكن عنده ما يكافئه فنزع فروه فوضعه على الطبق وبعث به إليه.

قال مهدي بن مهديّ: حدّثني بقيّة [بن الوليد] قال: سهرت مع إبراهيم بن أدهم على حائط صور. فحدّثني عن رجل عن النخعيّ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «إذا دخل عليك صبيّ جارك، [ف] ضعي في يده شيئا، فإنّ ذلك يحقّ لك المودّة في قلوبهم».

قال بقيّة: فقمت إلى شيء من [١٣ أ] طرائف البحر، فأهديته إليه، ثمّ ندمت بعد ذلك.

فقلت لبقيّة: لم ندمت؟

قال: لأنّه بعث إليّ بكساء كان يلبسه في الشتاء وخفّ كان يلبسه في الغزو.

ودخل الجبل ومعه فأس رومي فاحتطب حطبا

<<  <  ج: ص:  >  >>