للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخبز، فأخرجنا [هـ] نأكل، فقال واحد منّا: ما أحسن هذا الجمر لو كان لنا لحم نشويه عليه!

فقال إبراهيم بن أدهم: إنّ الله لقادر أن يطعمكموه.

فبينا نحن كذلك إذا بأسد يطرد أيلا فلمّا قرب منّا وقع واندقّ عنقه. فقام إبراهيم بن أدهم وقال:

اذبحوه، فقد أطعمكم الله!

فذبحنا وشوينا من لحمه والأسد واقف ينظر إلينا.

وفي رواية: قال: خرجت مع إبراهيم بن أدهم من صور نريد قيساريّة. فلما كنا ببعض الطريق مررنا بمواضع كثيرة الحطب. فقال: إن شئتم بتنا في هذا الموضع فأوقدنا من هذا الحطب.

فقلنا: ذاك إليك يا أبا إسحاق.

فأخرجنا زندا كان معنا فقدحنا ووقدنا تلك الليلة النار فوقع منها جمر كبار فقلنا: لو كان لحم نشويه على هذه النار!

فقال إبراهيم: ما أقدر الله أن يرزقكم!

ثم قام فتمسّح للصلاة واستقبل القبلة. فبينا نحن كذلك إذ سمعنا جلبة شديدة مقبلة، فابتدرنا إلى البحر فدخل كل إنسان منّا في الماء إلى حيث أمكنه حتى خرج ثور ومشى يكدّه (١) أسد. فلما صار عند النار طرحه. فانصرف إبراهيم بن أدهم من صلاته نحو الأسد فقال له: يا أبا الحارث تنحّ عنه فلن يقدّر لك فيه رزق!

فتنحّى. ودعانا، فأخرجنا سكّينا كانت معنا [١٦ ب] فذبحناه، واشتوينا منه بقيّة ليلتنا.

وقال أبو سعدان التاهرتي: سمعت حذيفة المرعشيّ، وقد خدم إبراهيم بن أدهم وصاحبه،

فقيل له: ما أعجب ما رأيت منه؟

فقال: بقينا في طريق مكّة أياما لم نجد طعاما، ثم دخلنا الكوفة فأوينا إلى مسجد خراب، فنظر إليّ إبراهيم وقال: يا حذيفة، أرى بك الجوع.

فقلت: هو ما رأى الشيخ.

فقال: عليّ بداوة وقرطاس.

فجئت به، فكتب: باسم الله الرحيم، أنت المقصود إليه بكل حال، والمشار إليه بكل معنى

[[الكامل]]

أنا حامد، أنا شاكر، أنا ذاكر، ... أنا جائع، أنا قانع، أنا عاري

هي ستّة فأنا الضمين لنصفها ... فكن الضمين لنصفها يا جاري

مدحي لغيرك وهج نار خضتها ... فأجر فديتك من دخول النار

ثم دفع إليّ الرقعة وقال: اخرج ولا تعلّق قلبك بغير الله، وادفع الرقعة إلى أوّل من يلقاك.

فخرجت، فأوّل من لقيني رجل على بغلة فأخذها وبكى. وقال: ما فعل صاحب هذه الرقعة؟

قلت: هو في المسجد الفلانيّ.

فدفع إليّ صرّة فيها ستّمائة دينار. ثم لقيت رجلا آخر فقلت: من صاحب هذه البغلة؟

قال: نصرانيّ.

فجئت إلى إبراهيم فأخبرته بالقصّة فقال: لا تمسّها، فإنه يجيء الساعة.

فلمّا كان بعد ساعة وافى النصرانيّ فأكبّ على رأس إبراهيم وأسلم.

وعن أبي إبراهيم اليماني: قلت لإبراهيم بن أدهم: يا أبا إسحاق، إنّ لي مودّة وحرمة، ولي حاجة.


(١) أكدّه: حمله على الإسراع والهرب، ولا حقه فأتعبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>