للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فرجع بغير طائل. ووقع في جمال العسكر وباء كثير فسار أكثر العسكر من دمشق إلى القاهرة في العشرين من رمضان.

فلمّا كانت ليلة عيد الفطر هرب الأمير لاجين الصغير [من داره بدمشق] خوفا من القبض عليه.

فنودي بدمشق: من أحضر لاجين فله ألف دينار، ومن أخفاه شنق- وركب السلطان في خاصّكيّته وجماعة من الأمراء، وترك سماط العيد وساق في طلبه وبعث الأمراء يمينا وشمالا فلم يظفر به، وعاد آخر النهار وقد بلغ من التعب مبلغا مشقا، فزاد قلقه. واتّفق أنّ لاجين نزل عند العرب فأخذوه برمّته وحملوه إلى دمشق. فقبض السلطان على الأمير بيبرس طقصو حمي لاجين، وبعثهما إلى قلعة الجبل. وعزل سنجر الشجاعيّ عن نيابة دمشق وولّى أيبك الحموي.

[وفي الثلث الآخر من ليلة الثلاثاء تاسعه] خرج من دمشق [عائدا إلى مصر، بعد ما رسم لجميع أهل الأسواق] (١) أن يقفوا من باب النصر إلى جامع القدم (٢) وبيد كلّ منهم شمعة. فلمّا ركب أشعلوا الشموع كلّها وسار السلطان بين صفّين من شموع مشعلة من باب النصر إلى مسجد القدم، ونزل مخيّمه. ثمّ سار فدخل القاهرة من باب النصر، وخرج من باب زويلة وصعد قلعة الجبل في يوم الأربعاء ثاني ذي القعدة، وقد عمل من الزينة والقلاع والتهاني، وأوقد من الشموع ما يجلّ وصفه.

ثمّ خرج إلى بلاد الصعيد في المحرّم سنة اثنتين وتسعين فانتهى إلى مدينة قوص ونادى بها في العسكر أن يتجهّزوا لغزو اليمن، وعاد إلى قلعة الجبل.

[[أخذه لقلاع الأرمن (جمادى ٦٩٢)]]

ثمّ خرج إلى بلاد الشام مخفّا على الهجن في خواصّه، وسيّر العساكر والخزائن صحبة الأمير بيدرا نائب السلطنة والوزير شمس الدين محمد بن السلعوس، فدخل السلطان إلى مدينة الكرك وسلك البرّيّة إليها، فأقام بها حتى رتّب أحوالها.

وخرج إلى دمشق فقدمها في تاسع جمادى الآخرة، وقد وصل النائب والوزير قبله بثلاثة أيّام. وأمر بالتجهيز لأخذ بهسنا (٣) ومرعش وتلّ حمدون من الأرمن [٤٤٠ أ]. فقدم عليه رسل سيس فسألوا العفو عنهم و [اتّفق الحال معهم] أن يسلّموا البلاد المذكورة، فأجيبوا إلى سؤالهم وسافروا ومعهم الأمير طوغان والي برّ دمشق ليتسلّم ذلك. فقدم البريد بأنّه تسلّمها في أوائل رجب، ودقّت البشائر بقلعة دمشق. وبعث إليها (٤) النوّاب والقضاة والرجال، ثمّ قدم طوغان بالرسل ومعهم تقادم سيس والحمل في ثامن عشرينه بعد ما توجّه السلطان من دمشق في ثاني رجب إلى حمص فأدركوه. وسار من حمص إلى سلميّة مخفّا ونزل بغتة على الأمير مهنّا بن عيسى وقبض عليه وعلى إخوته وبعث بهم إلى دمشق في سابعه. وبعث الأمير أيبك الأفرم فهدم قلعة الشوبك. وخرج الأمير بيدرا والوزير ابن السلعوس من دمشق بالعسكر والخزانة في حادي عشره. وخرج السلطان يوم السبت ثالث عشره في عدّة من خواصّه فدخل غزّة في سابع عشره، وقدم إلى القاهرة في ثامن عشرينه.

[[تدبير بيدرا لقتله]]

ثمّ خرج من قلعة الجبل في ثالث المحرّم سنة


(١) زيادات من السلوك ١/ ٧٨٠.
(٢) جامع القدم لم يذكره المقريزيّ في الخطط، وذكر جامع قرم دون تعريف في السلوك ١/ ٧٨٠.
(٣) بهسنا: من أعمال حلب وهي قلعة حصينة بقرب سميساط ومرعش (ياقوت).
(٤) أي: إلى بهسنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>