للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقلت له: ألم تكن ذكرت أنّك نبيّ مرسل إلى هذه الأمّة؟ أفيوحى إليك؟

قال: نعم.

قلت: فاتل عليّ شيئا من الوحي إليك.

فأتاني بكلام ما مرّ على سمعي أحسن منه.

فقلت: وكم أوحي إليك من هذا؟

فقال: مائة وأربع عشرة عبرة.

قلت: وما العبرة؟

فأتى بمقدار أكبر الآي من كتاب الله. قلت:

ففي كم مدّة الوحي إليك؟

قال: جملة واحدة.

قلت: فاسمع! في هذا القرآن لك طاعة في السماء. فما هي؟

[نموذج من «معجزاته»]:

قال: أحبس المدرار لقطع أرزاق العصاة والفجّار.

قلت: أتحبس من السماء مطرها؟

قال: إي، والذي فطرها! أفما هي معجزة؟

قلت: بلى والله!

قال: فإن حبست [المطر] (١) عن مكان تنظر إليه ولا تشك فيه، أتؤمن بي، وتصدّقني على ما أوتيت به من ربّي؟

قلت: أي والله!

قال: سأفعل، ولا تسألني عن شيء بعدها حتى آتيك بهذه المعجزة. ولا تظهر شيئا من هذا الأمر حتى يظهر. وانتظر ما وعدته من غير أن تسأله.

فقال لي بعد أيّام: أتحبّ أن تنظر إلى المعجزة التي جرى ذكرها؟

قلت: بلى والله.

قال لي: إذا أرسلت إليك أحد العبيد، فاخرج معه، ولا يركب معك أحد!

قلت: نعم.

فلمّا كان بعد أيّام، تغيّمت السماء في يوم من أيّام الشتاء، وإذا عبد قد أقبل فقال: يقول لك مولاي: اركب للوعد!

فبادرت إلى الركوب معه، وقلت: أين ركب مولاك؟

قال: بالصحراء، ولم يخرج معه أحد غيري.

واشتدّ وقع المطر فقال: بادر بنا حتّى نستكنّ معه من هذا المطر، فإنّه ينتظرنا بأعلى تلّ لا يصيبه فيه المطر.

قلت: وكيف عمل؟

قال: أقبل ينظر إلى السماء أوّل ما بدأ السحاب الأسود، وهو يتكلّم بما لا أفهم، ثمّ أخذ السوط فأدار به في موضع- ستنظر إليه- من التلّ، وهو يهمهم، والمطر ممّا يليه، ولا قطرة منه عليه.

فبادرت معه حتّى نظرت إليه، فإذا هو على تلّ على نصف فرسخ من البلد. فأتيته وإذا هو عليه قائم، ما عليه من ذلك المطر قطرة واحدة، وقد خضت في الماء إلى ركبتي الفرس، والمطر في أشدّ ما يكون. ونظرت إلى نحو مائتي ذراع في مثلها في ذلك التّل: يابس، ما فيه ندى ولا قطرة مطر. فسلّمت عليه فردّ عليّ، وقال لي: ما ترى؟

قلت: ابسط يدك، فإنيّ أشهد أنك رسول الله!

فبسط يده فبايعته بيعة الإقرار بنبوّته. [ثمّ قال لي: ما قال لك هذا الخبيث لمّا دعاك؟ - يعني عبده. فشرحت له ما قال لي في الطريق لمّا


(١) الزيادة من الصبح المنبي ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>