للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[يا طيّئ الخيرات بين خلالكم ... أمن الشريد وهمّة الطلّاب] (١)

١٥ سمكت خيامكم بأسنمة الرّبى ... مرفوعة للطارق المنتاب

ويدلّ ضيفكم عليكم أنور ... شبّت بأجذال قهرن صعاب (٢)

متبرّجات باليفاع وبعضهم ... بالجزع يكفر ضوءه بحجاب (٣)

كلأتكم ممّن يعادي هيبة ... أغنتكم عن رقبة وجناب

فيسير جيشكم بغير طليعة ... ويبيت حيّكم بغير كلاب

٢٠ متهيّبون، وليس فيكم هائب ... تتوثّبون على الردى الوثّاب

ولكم إذا اختصم الوشيج لباقة ... بالطعن فوق لباقة الكتّاب

فالرمح ما لم ترسلوه أخطل ... والسيف ما لم تعملوه نابي

يا معن، قد أقررتم عين العلى ... بي مذ وصلت بحبلكم أسبابي

جاورتكم فملأتم عين [ي] الكرى ... وجوانحي بغرائب الإطراب

٢٥ من بعد ذعر كان أحفز أضلعي ... حتى لضاق به عليّ إهابي

[٤٥٨ أ] ووجدت جار أبي الندى متحكّما ... حكم العزيز على الذليل الكابي

فليهنه منن على متنزّه ... لسوى مواهب ذي المعارج آب (٤)

قد كان عن خطم الصنائع شامسا ... فاقتاده بصنيعه برغاب

فلأنظمنّ له عقود محامد ... تبقى جواهرها على الأحقاب

٣٠ لا جاد غيركم الربيع ولا سرت ... غرر اللقاح لغيركم بحلاب

أنا ذاكم الرجل المندّد ذكره ... كالطّود حلّي جيده بشهاب

ولقد رجوت وللّيالي دولة ... أنّي أجازيكم بخير ثواب

فلمّا سمع حسّان هذه الأبيات أعجب بها وهشّ له وجدّد قوله بما سكّن به جأشه وأزال عنه استيحاشه. وأقام عنده محترما مكرّما.

فلمّا قدّم الحاكم يارختكين العزيزيّ على العساكر وسيّره إلى الشام ومشى في خدمته، وهو راكب، القوّاد والأعيان، كان فيهم عليّ ومحمود ابنا مفرّج بن دغفل. فشقّ ذلك عليهما وكتبا إلى أبيهما مفرّج يعرّفانه بذلك ويشكوان ما لقيا من المشقة، وأنّ نفوسهما تأبى الصبر على هذه الذلّة.

وحذّراه من يارختكين وقالا: إنّك لا تأمن من أن ينتهز فيك فرصة ويستفحل أمره فينبو بك وبنا المقام في هذه الديار، فدبّر أمرك ما دمت في فسحة من رأيك، وعاجله في الجفار قبل وصوله إلى الرملة واعتضاده بعساكرها.

[تحريضه أمير العرب على التصدّي للجيش الفاطميّ]

وكان يارختكين قد سار في عدّة قليلة، على أن يجمع عساكر الشام ويسير بها إلى حلب. وأخذ معه أهله وماله، وصحبه كثير من التجّار. فلمّا توسّط الجفار، أشار أبو القاسم ابن المغربيّ على حسّان بن مفرّج بلقائه وانتهاز الفرصة فيه. فسار


(١) بيت ساقط من مخطوطنا. وهو في ذيل تاريخ دمشق، ٦٢.
(٢) الأجذال: جمع جذل وهو أصل الشجرة أو جذعها.
(٣) الجزع: بطن الوادي. وكفر ضوءه: ستره وأخفاه.
(٤) آب: اسم فاعل من أبى.

<<  <  ج: ص:  >  >>