للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٣١٣ أ] زائدا وتذهب لهم أموال عديدة. فبطل ذلك كلّه على يد بيبرس.

[[مقاومته للعادات الفاسدة]]

ثمّ أبطل عيد الشهيد من مصر، وكان من أجلّ مواسم النصارى، يخرجون بأجمعهم إلى ناحية شبرا من ضواحي القاهرة في اليوم الثامن من شهر بشنش (١) أحد شهور القبط، ويلقون في النيل تابوتا فيه أصبع بعض من سلف لهم- ويزعمون أنّ النيل لا يزيد ما لم يلق فيه هذا الأصبع- فيكون في اجتماعهم من شرب الخمر والتجاهر بالفسوق ما لا يمكن وصفه. فقام بيبرس في ذلك، وكتب إلى ولاة أعمال مصر بالنداء في الأعمال ألّا يخرج أحد لعمل عيد الشهيد. وبعث الحجّاب إلى شبرا فمنعوا الناس من الاجتماع بها. فكبر هذا على النصارى، وسعوا بمن أظهر الإسلام منهم عند التاج ابن سعيد الدولة، وهو أخصّ الناس ببيبرس حتى خيّله أنّ في منع ذلك عدم طلوع النيل وانكسار الخراج. فلم يعبأ بقوله وصمّم على إبطاله فبطل.

ثمّ لمّا خرّبت الزلزلة جامع الحاكم (٢) بالقاهرة التزم بعمارته وأعاده كأحسن ما كان ورتّبت فيه

عدّة دروس، ما بين فقه على المذاهب الأربعة، وحديث، وقراءات، وأقام به عدّة قرّاء يقرءون القرآن، وعمل فيه خزانة كتب جليلة شحنها بأنواع من كتب الفقه والحديث والتفسير والنحو واللغة وغير ذلك، وحفر فيه صهريجا يملأ من ماء النيل ويسيل طول السنة، ووقف على ذلك ما يكفيه فاستمرّ وقفه.

وخرج إلى الحجّ مرّة ثانية أوّل ذي القعدة سنة أربع وسبعمائة ومعه جماعة من الأمراء، فأعاد الشريفين حميضة ورميثة ابني أبي نمي إلى إمارة مكّة، وقبض على أخويهما (٣).

[بداية التنافر مع سلّار]:

فلمّا دخلت سنة ستّ وسبعمائة تنافر هو والأمير سلّار سبب الأمير علم الدين سنجر الجاولي، فإنّه كان ينوب في وظيفة الأستداريّة.

فثقل عليه (٤) الجاوليّ وما زال يغري بيبرس به حتّى صادره. فشقّ ذلك على سلّار من أجل أنّه كان صديقا له، وحدّث بيبرس في الإغضاء عنه فلم يرجع إليه وافترقا على غير رضا. وكان بيبرس يركب إلى موكب سلّار عند ركوبه يوم الخدمة وينزل عند منزله، فترك الركوب معه وانفرد بحاشيته في موكب وحده، فتوقّع الناس الفتنة بينهما مدّة أيام [٣١٣ ب]، واستعدّ البرجيّة أتباع بيبرس وركبوا بالسلاح من تحت ثيابهم خوفا من مفاجأة الشرّ، إلى أن ركب من الأمراء آقوش


- على وجهه ويضع سرّته مكشوفة عليه ويعتقد أنّ من فعل ذلك عتق من النار.
ولم يفصّل قصّة العروة الوثقى واكتفى بنعتها بالحلقة التي يسمّونها العروة الوثقى. وقال المقريزيّ في السلوك ٢/ ٩٤٠: [وأمر بيبرس] ألّا ... يقبضوا على ما كان في الكعبة ممّا سمّوه العروة الوثقى ... وكان يحصل من التعلّق بها ... عدّة مفاسد قبيحة.
ولم يقل إنّ هذا الإجراء تمّ عند حجّ بيبرس كما يقول ابن حجر.
(١) بشنش في شهور القبط هو أيار/ ماي. مروج الذهب ٢/ ٣٣٥. وانظر حديث هذا العيد في السلوك ٢/ ٩٤١.
(٢) جامع الحاكم. انظر النجوم ٨/ ١٤٠ هامش ١.
(٣) لم يشرح المقريزيّ هنا ولا في السلوك ٢/ ١١ سبب تراجعه في أمر أولاد أبي نمي، وكان في حجّته الأولى قبض على حميضة ورميثة، وأقام أبا الغيث وعطيفة.
(٤) في الكلام نقص. وفي السلوك ٢/ ٢٢ كانت بوادر الخصومة بين كاتب بيبرس وهو التاج ابن سعيد الدولة، وسنجر الجاولي وهو من أصدقاء سلّار. فالجاولي ثقل على التاج فأخذ يغري مولاه بيبرس.

<<  <  ج: ص:  >  >>