للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من لي إذا غبت في ذا المحل؟ قلت لها: ... الله وابن عبيد الله مولاك

لا تجزعي بانحباس الغيث عنك فقد ... سألت نوء الثريّا جود مغناك

فتكفّل الشريف لزوجته بجميع ما تحتاج إليه مدّة غيبته عنها. فسار إلى مصر ومدح الصالح. ثمّ تنقّلت به الأحوال وأقام بحمص ودرّس بها.

ولمّا وصل السلطان صلاح الدين يوسف بن أيّوب إلى حمص مدحه بقصيد [ة] منها [الكامل]:

ما نام بعد البين يستحلي الكرى ... إلّا ليطرقه الخيال إذا سرى

كلف بقربكم فلمّا عاقه ... بعد المدى سلك الطريق الأقصرا

منها:

تردي الكتائب كتبه فإذا غدت ... لم أدر أنفذ أسطرا أم عسكرا

لم يحسن الإتراب فوق سطورها ... إلّا لأنّ الجيش يعقد عثيرا

مدح الملوك فرى (١) ويؤسف يوسف ... ما مدحه الوافي حديثا يفترى

وكان القاضي الفاضل في المجلس وقت الإنشاد فقال للسلطان: يا مولانا، هذا الشاعر مدح الصالح بن رزّيك بقصيدة يقول فيها [البسيط]:

أأمدح الترك أبغي الفضل عندهم ... والشعر ما زال عند التّرك متروكا؟

فاشتهى (٢) مولانا يكذّبه ويصدّق أمله، فعجّل له السلطان بالجائزة وأحسن إليه.

وتوفّي بحمص في سنة إحدى- وقيل اثنتين-

وثمانين وخمسمائة، وقد قارب ستّين سنة.

ومن غريب الاتّفاق أنّه اجتمع بمدينة حلب المهذّب عبد الله بن أسعد بن الدهّان وأبو العلاء [٢٢٨ ب] المحسن بن الحسين بن أبي الندى المعرّي التنوخي فتذاكرا أنّ الأراك يستاك به وأنّ العود مع طيب رائحته يلقى في النار، فمضى كلّ منهما إلى منزله وعمل في هذا المعنى بيتين، واجتمعا من الغد بجامع حلب فأنشد ابن أبي الندى [البسيط]:

لا غرو إن كان من دوني يفوز بكم ... وأنثني عنكم بالويل والحرب:

يدنى الأراك فيضحي وهو ملتثم ... ثغر الفتاة ويلقى العود في اللهب

فلمّا فرغ من إنشاده أخرج ابن أسعد من عمامته رقعة فيها:

لا غرو إن كان من دوني يفوز بكم ... وأنثني عنكم بالويل والعار

يدنى الأراك فيضحي وهو ملتثم ... ثغر الفتاة، ويلقى العود في النار!

وهذا من أعجب التوارد على اللفظ والمعنى.

١٥٣٤ - أبو طالب الأزجيّ البغداديّ [- ٦٣٤] (١*)

[٢٢٩ أ] عبد الله بن إسماعيل بن علي بن الحسين، أبو طالب، ابن أبي محمد، ابن أبي الحسن، ابن أبي عبد الله، البغدادي، الأزجي، الفقيه الحنبليّ، الواعظ، المعروف والده ب «غلام ابن المنى».

كان والده أحد الفقهاء العارفين بمذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.

وسمع عبد الله هذا من أبي الفرج عبد


(١) ج فرية وهي الكذب.
(٢) في الوافي لا ذكر للقاضي الفاضل، والرواية منقولة عن العماد الأصفهاني.
(١*) التكملة ٣/ ٤٥٦ (٢٧٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>