فيها من الرجال وتحملهم!
وأظهر الخلع، وحضّ على طاعة آل أبي طالب. ووجّه إلى إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن، وهو مستخف، يسأله أن يشخص إليه. فلم يفعل. فنصب رجلا قال إنّه إبراهيم بن عبد الله اسمه يزيد، ولبس البياض وأقام يزيد خطيبا في يوم جمعة فدعا على المنصور. ثمّ خطب ثانيا وذكر من قتل المنصور من آل علي فبكى وأبكى الناس [١٠٠ ب] فولّى المنصور ابنه محمد المهديّ خراسان، ووجّه معه خازم بن خزيمة. فنزل الريّ ووجّه خازما إلى خراسان.
وخرج على عبد الجبّار الحسن بن حمران مولى مطر بن وسّاج أخي بكير بن وسّاج، ودعا للمنصور وحضّ على التمسّك بطاعته والوفاء ببيعته. ثم إنّه غيّر وبدّل فبعث إليه خازم من حاربه فقتله وأتاه برأسه.
وخرج على عبد الجبّار أيضا أبو جابر أشعث بن الأشعث الطائيّ وقتل عامل بخارى وأخذ الأموال.
وخرج أيضا حرب بن زياد الطالقاني، من العجم، على عبد الجبّار وحاربه وقتل يزيد المدّعي أنّه إبراهيم. وانهزم عبد الجبّار حتّى بقي في خمسة نفر، فقبض عليه الجنيد بن خالد بن هريم وحمله عريانا إلى خازم وهو بسرخس، فبعث به خازم مع نضلة بن نعيم بن خازم إلى المهديّ وهو بنيسابور فوجّه به إلى المنصور. فلمّا أوقف بين يديه قال: استبقني يا أمير المؤمنين، ولا تذهبنّ زلّتي بحسن بلائي وحرمتي وما كان منّي في هذه الدعوة.
فقال: «يا ابن اللخناء، قتلت نظراء قحطبة وطبخت أولياءنا طبخا! » وكانت له قدر عظيمة وكان أبو مسلم أصابها، فكان يغلي فيها الدهن ثمّ يقيم الرجل من العبّاسيّة فيه حتى ينفسخ. ثم أمر به المنصور أن تقطع يده ورجله، فقال: يا أمير المؤمنين، قتلة كريمة!
فقال: يا ابن اللخناء، تركتها بخراسان!
فقتل وصلب بالكوفة، ونفيت عياله إلى [١٠١ أ] دهلك فسبتهم الحبشة وباعتهم، فاشتراهم عبد الصمد بن علي أمير المدينة، وبعث بهم إلى العراق. وقبض المنصور على عبد العزيز أخي عبد الجبّار وقتله، وكان على البصرة، وولّى عوضه سوّار بن عبد الله بن قدامة العنبريّ. ثمّ ولّاها هزارمرد، وهو عمر بن حفص بن عثمان بن قبيصة بن أبي صفرة، وجعل سوّارا على الصلاة والقضاء.
وقدم حرب بن زياد على المنصور في وجوه أهل خراسان، فردّه إليها واليا عليها فهمّ بالخلع وأطلق لسانه بقول سيّئ. فكتب المنصور إلى وجوه أهل خراسان في أمره، فقتل ببلخ.
وأحرم المنصور في سنة أربعين ومائة من الحيرة وحجّ بالناس. ثمّ أتى المدينة ومضى إلى بيت المقدس زائرا. ثمّ انصرف منه في سنة إحدى وأربعين إلى الرقّة فقتل منصور بن جعونة العامريّ، ومضى إلى الكوفة.
وتوجّه في سنة اثنتين وأربعين إلى البصرة، فولّى عمر بن حفص السند.
[[مواعظ عمرو بن عبيد للمنصور]]
ودعا بعمرو بن عبيد مولى بني تميم فوصله، فلم يقبل صلته، فقال له: بلغني أنّ محمد بن عبد الله بن حسن كتب إليك يدعوك إلى طاعته فأجبته؟
وكان محمد مستخفيا يبث دعاته.