للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعطش الحسين فاستسقى، وليس معهم ماء.

فجاء رجل بماء فتناوله ليشرب. فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فيه فجعل يلقي الدم بيده. وحمد الله وتوجّه نحو المسنّاة يريد الفرات. فقال رجل من بني أبان بن دارم: حولوا بينه وبين الماء! .

فعرضوا له فحالوا بينه وبين الماء وهو أمامهم.

فقال الحسين: اللهمّ، أظمئه! .

ورماه الأبانيّ بسهم فأثبته في حنكه، فنزع السهم وتلقّى الدم وملأ كفّه وقال: اللهمّ، إنّي أشكو إليك ما فعل هؤلاء.

فما لبث الأبانيّ إلّا قليلا حتّى رؤي وإنّه ليؤتى بالقلّة والعسّ إن كان ليروي عدّة فيشربه فإذا نزعه من فيه قال: اسقوني فقد قتلني العطش! - فما زال بذلك حتّى مات.

وجاء شمر بن ذي الجوشن فحال بين الحسين وبين ثقله. فقال الحسين: رحلي لكم عن ساعة مباح، فامنعوه من جهّالكم وطغامكم، وكونوا في دنياكم أحرارا إذ لم يكن لكم دين.

فقال شمر: ذلك لك يا ابن فاطمة.

فلمّا قتل أصحاب الحسين وأهله بقي عامّة النهار، ولا يقدم عليه أحد إلّا انصرف، حتى أحاطت [٤٠١ ب] به الرجّالة، فما رؤي مكثورا (١) أربط جأشا منه. فصاح بهم شمر: ثكلتكم أمّهاتكم، ماذا تنتظرون به؟ أقدموا عليه! - فكان أوّل من انتهى إليه زرعة بن شريك التميميّ، فضرب كفّه اليسرى، وضربه الحسين على عاتقه فصرعه. وبرز له سنان بن أنس بن عمرو بن حيّ بن الحارث بن غالب بن مالك بن وهبيل بن سعد بن مالك بن النخع النخعيّ فطعنه في ترقوته، ثمّ انتزع الرمح فطعنه في صدره، فخرّ صريعا.

ونزل إليه ليحزّ رأسه فنزل معه خولي بن يزيد الأصبحيّ فاحتزّ رأسه. وأتى به عبيد الله بن زياد وقال [الرجز] (٢):

أوقر ركابي فضّة وذهبا ... أنا قتلت الملك المحجّبا

قتلت خير الناس أمّا وأبا ... وخيرهم إذ ينسبون نسبا

فلم يعطه ابن زياد شيئا.

وروى حمّاد بن سلمة: ثنا عمّار بن أبي عمّار أنّ ابن عبّاس رضي الله عنه قال: رأيت النبيّ صلّى الله عليه وسلم فيما يرى النائم ذات يوم نصف النهار أشعث أغبر بيده قارورة فيها دم، فقلت: يا نبيّ الله، بأبي أنت وأمّي، ما هذه؟

قال: هذا دم الحسين وأصحابه لم أزل ألتقطه منذ اليوم.

فأحصي ذلك الوقت، فوجد قد قتل الحسين ذلك اليوم.

ووجد بالحسين ثلاث وثلاثون جراحة، ووجد في ثوبه مائة وبضعة عشر خرقا من السهام وأثر الضرب.

[[مقتل الحسين]]

وقتل رحمة الله عليه يوم الجمعة يوم عاشوراء من المحرّم سنة إحدى وستّين من الهجرة، وهو ابن ستّ وخمسين سنة وخمسة أشهر. وكان عليه يوم قتل جبّة خزّ دكناء، وهو صابغ بالسواد.

وذكر الواقديّ أنّه قتل في صفر وهو ابن خمس وخمسين سنة، والأوّل أثبت.

وقال جعفر بن محمد الصادق: قتل الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة.


(١) المكثور هو المغلوب.
(٢) في مقاتل الطالبيين ٨٣ نسب البيتان مع تغيير طفيف إلى قاتل الحسين.

<<  <  ج: ص:  >  >>