للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٠٨ - حاجّي بن محمد بن قلاوون [٧٣٢ - ٧٤٨] (١)

[٤٠٧ أ] حاجّي بن محمد بن قلاوون، السلطان الملك المظفّر، سيف الدين، ابن الملك الناصر، ابن الملك المنصور.

ولد وأبوه بالحجاز (٢) في [ ... ] سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة بقلعة الجبل، ونشأ بها. [٣١٣ ب] فلمّا كانت آخر أيّام أخيه الكامل شعبان قبض عليه وسجنه في يوم السبت تاسع عشرين جمادى الأولى سنة سبع وأربعين وسبعمائة، ومعه أخوه الحسين. وكانا قد انقطعا عن الخروج من حين قتل الكامل أخاهم يوسف بن محمد، فبعث الكامل إلى الأمير لاجين أمير جندار زوج أمّ حاجّي يأمره بطلاقها فطلّقها. فاشتدّ خوف حاجّي وحسين، وبعثا إلى أكابر الأمراء ليشفعوا لهما، فلم يقبل الكامل شفاعتهم. واشتهر عنه ذلك فتعصّب لهما طائفة من الأمراء وعدّة من المماليك السلطانيّة، وبعث الكامل فأخذهما وسجنهما في موضع بالقرب منه، وقد صاحت النساء وارتفعت أصواتهنّ بالعويل والبكاء. وخرجت أمّ حاجّي مكشوفة الوجه تصيح: «يا ولدي! »، فبكت المماليك لبكائها وهمّوا بعمل فتنة، إلّا أنّ الأمير أرغون العلائيّ تلطّف بهم حتّى كفّوا، وقد عزم الكامل أن يبني على أخيه حاجّي حائطا، فقدّر الله في يوم الاثنين أوّل جمادى الآخرة بركوب الأمراء

وزوال دولة الكامل بسجنه حيث كان حاجّي مسجونا، وأخرج حاجّي منه، فقبّل الأمراء يده وخاطبوه بالسلطنة. واتّفق أنّه كان قد عمل السّماط ليقدّم بين يدي السلطان الملك الكامل على العادة، وعمل طعام حاجّي ليدخل به إليه في السجن، فوقعت الضجّة فركب الكامل قبل أن يأكل، فزالت دولته.

وطلع الأمراء إلى قلعة الجبل وأجلسوا حاجّي على التخت، ولقّبوه بالملك المظفّر، وقدّموا الطعام بين يديه، وأكل هو والأمراء ما كان قد عمل (٣) للكامل، ودخلوا إلى الكامل في السجن بالطعام الذي عمل لحاجي وحسين ليأكلاه في السجن، فكان هذا من أغرب ما يتّعظ به العاقل في سرعة تقلّب الأحوال، وكان القائم بذلك من الأمراء ملكتمر الحجازيّ وأفرم الناصريّ وأرغون شاه.

وأوّل ما عمل في دولته أن أخرج المال الذي كان عند الكامل، فوجد من الذهب مبلغ ثمانين ألف دينار، ومن الفضّة خمسمائة ألف درهم. ثمّ تسلّم أخاه الكامل وقتله، ويوم جلوسه حلف للأمراء أنّه لا يؤذيهم وحلفوا له على العادة.

وكتب على يد الأمير بيغرا إلى نوّاب الشام بما وقع، وأنّه يحلّفهم للسلطان. وكتب إلى الأعمال بإعفاء الفلّاحين من المغارم، ورمى (٤) المال عليهم بحمل الشعير والبرسيم.

وأخرج الأمير أرغون العلائيّ [٤٠٧ ب] إلى


(١) الوافي ١١/ ٢٣٧ (٣٤١) وأعيان العصر ٢/ ١٧٦ (٥٥٢)؛ الدرر ٢/ ٣؛ بدائع الزهور ١/ ١٨٧؛ السلوك ٢/ ٧١٤؛ النجوم ١٠/ ١٤٨.
(٢) زاد ابن قاضي شهبة في تاريخه ٢/ ٥١٨: فسمّي حاجّي.
(٣) في المخطوط: فدعى، ولم نفهمها.
(٤) في السلوك ٢/ ٧١٤: ورماية المال.

<<  <  ج: ص:  >  >>