للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإسكندريّة فسجن بها، وقبض على خدّام الكامل وخواصّه ليستخلص منهم الأموال التي أخذوها على قضاء أشغال الناس، وأحيط بموجودهم.

وأنزلت أمّ الكامل من القلعة، وعرضت الجواري فبلغت عدّتهنّ خمسمائة جارية وأخرج منهنّ المعتوقات، وفرّق كثيرا من المملوكات في الأمراء، واستناب السلطان الأمير أرقطاي.

وكان سعر القمح في الأيّام الكامليّة من خمسين درهما الإردبّ إلى خمسة وخمسين، فانحطّ إلى خمسة وثلاثين فما دونها. وكذلك الشعير والفول انحطّ سعرهما، ففرح الناس بالأيّام المظفّرية لوجود الرخاء، وإبطال المغارم والمضارب.

وأظفر عفّة وميلا إلى الخير وقبولا للنصح.

ثمّ إنّه أقبل على اللهو، وشغف بالنساء والغناء واللعب بالحمام. فكثر إنكار الأمراء والمماليك لذلك، فإنّه بلغت قيمة العصبة (١) التي على رأس حظيّته اتّفاق زيادة على مائة ألف دينار مصريّة، وبلغت النفقة على عمل حظير الحمام زيادة على سبعين ألف درهم فضّة. وأعطى حظيّته كيدة (٢) في مدّة شهرين خمسة وثلاثين ألف دينار، ومائتين وعشرين ألف درهم. وأنعم على عبد عليّ العوّاد بستّين ألف درهم، وعلى إسكندر [بن الكتيلة] الجنكي (٣) بأربعين ألف درهم. وصار يحضر أوباش العامّة إلى الدهشة (٤) بالقلعة، ويلعبون بين

يديه لعب صبّاح. وأنعم عليهم بمائة ألف درهم.

فبلغه إنكار الأمراء عليه على لسان الجيبغا المظفّري وطنيرق، وهما يومئذ أخصّ الناس به.

فاشتدّ حنقه، وأخذ في ذبح الحمام، وهو يقول:

والله لأذبحنّكم كما ذبحت هذا الحمام!

وأغلق الدهشة، وأخذ في التدبير على الأمراء فقتل أقسنقر الناصري، وملكتمر الحجازي، وهما يومئذ أعظم أمراء الدولة. وقبض على قرابغا القاسميّ، وأيتمش وصمغار يوم الأحد تاسع عشر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين، فكان يوما مهولا، وأحاط بأموال الأمراء المذكورين، فأخذها جميعها، وأقبل على لهوه.

ثمّ قتل بإشارة أغرلو الأمير الوزير نجم الدين محمود بن عليّ بن شروين، والأمير بيدمر البدري، والأمير ظغيتمر النجميّ، والأمير أرغون العلائيّ، والأمير قرابغا القاسميّ، وتمر الموساوي وصمغار وأيتمش عبد الغنيّ وغيرهم، فكانت عدّة من قتل في مدّة أربعين يوما أحدا وثلاثين أميرا.

وفرّق كثيرا من المماليك في البلاد، وقبض على أولاد الأمراء. وأخرج من بقي من الأمراء إلى الصيد، وانهمك في شعبان في اللعب بالحمام، وأعاد لعب العبيد والغلمان عنده بالصراع والثقاف وجري السعاة. ونادى في الناس بإعادة اللعب بذلك، وصار يلبس ثيابا من الجلد [٤٠٨ أ] ويتصارع مع الأوباش، ثمّ يلعب معهم [لعب] صبّاح بالعصيّ، ويلعب بالرمح ثمّ بالكرة (٥)، فيكون نهاره في الدهشة مع العبيد السود والغلمان على ذلك، وليله على معاقرة الخمر وسماع الغناء.


- قلاوون سنة ٧٤٥ (تاريخ ابن قاضي شهبة ٢/ ٤٥٦).
(١) في السلوك ٢/ ٧٢٥: عصابة، وهي منديل من حرير موشّح بالألوان يعصب على الرأس (دوزي). والحظيّة اتّفاق لها ترجمة في الدرر الكامنة ١/ ٨٠ (٢١٦).
(٢) في السلوك ٢/ ٧٤٠: كيدا، وكذلك فيما يأتي من هذه الترجمة. وحظير الحمام برج على السطوح لتربية الحمام (انظر السلوك ٢/ ٧٢٦ هامش ٢).
(٣) انظر ترجمة الكتيلة الجنكي رقم ٣٠٠٨.
(٤) قصر الدهشة بأعلى الجبل بناه إسماعيل بن محمد بن-
(٥) السلوك ٢/ ٧٣٩ هوامش ١ - ٥، تفصيل هذه الألعاب، على أنّ «لعب صبّاح» غير مفهوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>