للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يومئذ ابن إحدى عشرة سنة: أتصارع هذا؟ - يعني خالد بن يزيد.

قال: لا، ولكن أعطني سكّينا وأعطه سكّينا حتّى أقاتله.

فضمّه إليه يزيد وقال: شنشنة أعرفها من أخزم! هل تلد الحيّة إلّا الحيّة؟

ثمّ بعث يزيد إلى المدينة فقدم [٤٠٤ أ] عليه بعدّة من ذوي السنّ من موالي هاشم، ثمّ من موالي عليّ رضي الله عنه، وضمّ إليهم عدّة من موالي أبيسفيان. ثمّ بعث بثقل الحسين ومن بقي من نسائه وأهله وولده معهم، وجهّزهم ولم يدع لهم حاجة بالمدينة إلّا أمر لهم بها.

وكان يزيد يدعو عليّ بن الحسين لغدائه وعشائه. وقال لعليّ بن الحسين: إن أحببت أن نقيم عندنا فنصل رحمك ونعرف لك حقّك، فعلت. وإن أحببت أن أردّك إلى بلادك وأصلك؟

قال: بل تردّني إلى بلادي.

فردّه [٥٠٢ أ] إلى المدينة ووصله.

ويقال: لمّا أدخل ثقل الحسين على يزيد وضع رأسه بين يديه وبكى. وقال:

يفلّقن هاما من رجال أحبّة ... إلينا، وهم كانوا أعقّ وأظلما

أما والله لو كنت أنا صاحبك ما قتلتك أبدا.

فقال علي بن حسين: ليس هكذا.

فقال: فكيف يا ابن آدم؟

قال: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحديد: ٢٢].

فقال عبد الرحمن بن الحكم [أخو مروان بن الحكم- طويل]:

لهام بجنب الطفّ أدنى قرابة ... من ابن زياد العبد ذي النسب الوغل

سميّة أمسى نسلها عدد الحصى ... وبنت رسول الله ليس لها نسل (١)

فرفع يزيد يده فضرب صدر عبد الرحمن وقال: اسكت!

وقيل: قال يزيد [رمل]:

ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الأسل

لأهلّوا واستهلّوا فرحا ... ثمّ قالوا: يا يزيد لا تسل

لست من عتبة إن لم أثّئر ... من بني أحمد ما كان فعل (٢)

وأمر الرسل الذين وجّههم معهم أن ينزلوا بهم حيث شاءوا. وبعث بهم مع محرز بن حريث بن مسعود الكلبيّ، ورجل من بهراء. وكانا من أفضل أهل الشام. فلمّا مرّوا بالكوفة بكى الناس. فقالت أمّ كلثوم بنت عليّ: فمن قتلنا إذن؟ ابكوا، فلا رقأت الدمعة يا قصّة على ملحودة! (القصّ:

الجصّ والملحودة القبر) شبّهتهم بالقبر المجصّص الذي ظاهره أبيض وباطنه مخالفه.

[[عداوة مروان بن الحكم لآل البيت]]

وبعث يزيد برأس الحسين إلى عمرو بن سعيد بن العاص، وهو عامل له يومئذ على المدينة. فقال عمرو: وددت أنّه لم يبعث به إليّ.

فقال مروان: اسكت! - ثمّ تناول الرأس فوضعه


(١) ديوان أشعار التشيّع ص ٢٤٧ وفيه تخريج للأبيات وجاء في المصادر عجز البيت الثاني. أمست بلا نسل وبهذا يخلص البيت من الإقواء.
(٢) الأبيات الثلاثة ضمن قصيدة في ١٦ بيتا ص ص ٤١ - ٤٣ في شعر عبد الله بن الزبعرى تحقيق يحيى الجبوري، بيروت ط ٦٢، ١٤٠١/ ١٩٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>