للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حسّان إلى أبيه مفرّج وسهّل عليه الأمر في لقاء يارختكين، فجمعا العرب. وقدم يارختكين إلى غزّة وقد بلغه ما همّ به حسّان وأبوه، فكتب إلى ابن سرحان أحد قوّاد الرملة أن يلقاه في ألف مقاتل بعسقلان. وقدّر لوصول ابن سرحان ثلاثة أيّام. فأخذ الرسول في طريقه. وسار يارختكين بعد يومين على طريق الساحل وقد بث حسّان الخيل، فوقعت عليه وقاتلته وأسرته. وغنم حسّان [٣٩١ ب] جميع ما كان معه، ونهبت رساتيق الرملة. فخرج من كان فيها من العساكر وقاتلوا العرب قتالا شديدا حتّى همّ العرب [٤٥٨ ب] بالانصراف. فقال لهم أبو القاسم ابن المغربيّ: إن رحلتم على هذه الصورة وقع الطمع فيكم، وإن صبرتم حتّى تفتحوا البلد خافكم الحاكم وملكتم الشام. والرأي أن تنادوا في السواد وأطراف البلاد والجبال بإباحة النهب والغنيمة.

فقبلوا منه وجسروا ونادوا في الناس، فاجتمع لهم خلق كثير. وزحفوا على الرملة فملكوها وبالغوا في القتل والفتك. فلمّا بلغ الحاكم هذا انزعج، وكتب إلى مفرّج بن دغفل بن الجرّاح يعتبه ويحذّره سوء العاقبة ويأمره بإرسال يارختكين إليه، ووعده على ذلك بخمسين ألف دينار. فبادر أبو القاسم ابن المغربيّ لمّا بلغه ذلك وقال لحسّان بن مفرّج: إنّ والدك سيركب إليك ويثقل عليك في أمر يارختكين ولا يبرح من عندك إلّا به. ومتى أفرجتم عنه وعاد إلى الحاكم ردّه إليكم في العساكر التي لا قبل لكم بها.

فقبل قوله وقتل يارختكين صبرا بعد ما أهانه، وسمع غناء جواريه وحظاياه وهو مقيّد معه في مجلسه، وارتكب منه قبائح شنيعة، ثمّ أنفذ برأسه إلى أبيه مفرّج. فساءه ذلك.

[إغراؤه أمير مكّة الحسنيّ بادّعاء الخلافة]

ثمّ إنّ أبا القاسم اجتمع بمفرّج وبابنه حسّان وقال لهما: إنّكم قد كشفتم القناع في مباينة الحاكم، ولم يبق للصلح موضع.- وأشار عليهما بمراسلة أبي الفتوح الحسن بن جعفر بن محمد (١) بن الحسين بن محمد الأكبر بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ابن علي أبي طالب الحسنيّ، أمير مكّة، ومبايعته بالإمامة، فإنّه لا مغمز في نسبه. وسهّل عليهما الخطب في ذلك حتّى انقاد إليه جماعتهم. وسار هو في الرسالة إليه بنفسه حتّى قدم عليه مكّة، وأطمعه في الأمر. وجمع بني حسن فأجابوه إلى ذلك، وبايعوا أبا الفتوح ولقّبوه بالراشد بالله، وصعد منبر مكّة وخطب لنفسه.

وكان قد مات بعض أرباب اليسار بجدّة، فأشار أبو القاسم بأخذ تركته كلّها، فأخذت بأجمعها، وأخذ أيضا عدّة من المحاريب الذهب والفضّة المنصوبة بالكعبة وضربها دراهم ودنانير وفرّقها فيمن اجتمع إليه من العرب. وخرج أبو القاسم من مكّة وسار برسالة أبي الفتوح إلى بطون العرب من سليم وعوف بن عامر وغيرهم. فدعاهم حتى استوسق له الأمر، وسار بمن أجابه من العرب، ومعه أبو الفتوح، يريد لقاء حسّان بن جرّاح الطائيّ حتى قدم الرملة. فخرج مفرّج بن دغفل بن الجرّاح وبنوه حسّان ومحمود وعليّ بمن معهم إلى لقاء أبي الفتوح، وقبّلوا الأرض وسلّموا عليه بإمرة المؤمنين، وأنزلوه في دار الإمارة. فنادى في الناس بأمان الخائفين، وأمر بالمعروف ونهى [٤٥٩ أ] عن المنكر. وركب يوم الجمعة، ومفرّج


(١) مرّت ترجمة هذا الدعيّ الحسنيّ برقم ١١٧٦، وهو فيها:
ابن جعفر بن الحسن بن محمّد.

<<  <  ج: ص:  >  >>