للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إليهم المعزّ بنودا ففرّقوها فيمن استجاب لهم، وأمرهم أن ينشروها إذا قاربت عساكره مصر.

فعند ما قرب جوهر من أرض الإسكندريّة جمع الوزير أبو الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات المعروف بابن حنزابة (١) الناس بداره من مصر، واتّفقوا على مراسلة جوهر وأن يشترطوا عليه أن يقرّهم على ما بأيديهم من الضياع والأعمال التي يتولّونها. وشرط نحرير شويزان أن لا يجتمع مع جوهر. وأرسلوا إليه بذلك الشريف أبا جعفر مسلّم [بن عبيد الله الحسينيّ] والشريف أبا إسماعيل إبراهيم بن أحمد الرسّيّ، والقاضي أبا [٣٦٠ أ] الطاهر محمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر الذهليّ وأبا (٢) الطيّب العبّاس بن أحمد العبّاسيّ الهاشميّ في جماعة.

فبرزوا إلى الجيزة في يوم الاثنين ثامن عشر شهر رجب [سنة ٣٥٨]، وساروا فلقوا جوهر في تروجة، فوافقهم وأجابهم إلى ما التمسوه وكتب لهم كتابا، نصّه بعد البسملة:

[[عهد جوهر لأهل مصر]]

هذا كتاب جوهر الكاتب عبد أمير المؤمنين المعزّ لدين الله صلوات الله عليه لجماعة أهل مصر الساكنين بها، من أهلها ومن غيرها: إنّه قد ورد منسألتموه الترسّل والاجتماع معي، وهم:

أبو جعفر مسلّم الشريف، أطال الله بقاءه، وأبو إسماعيل الرسّيّ أيّده الله، وأبو الطيّب الهاشميّ أيّده الله، وأبو جعفر أحمد بن نصر أعزّه الله، والقاضي أبو طاهر أعزّه الله.

وذكروا عنكم (٣) أنّكم التمستم كتابا يشتمل

على أمانكم في أنفسكم وأموالكم وبلادكم وجميع أحوالكم. فعرّفتهم ما تقدّم به أمر مولانا وسيّدنا أمير المؤمنين صلوات الله [عليه] وحسن نظره إليكم، فاحمدوا الله على ما أولاكم واشكروه على ما آتاكم. وادأبوا فيما يلزمكم، وسارعوا إلى طاعته العاصمة لكم، العائدة بالسعادة عليكم والعصمة الشاملة لكم:

وهو أنّه، صلوات الله عليه، لم يكن إخراجه للعساكر المنصورة، والجيوش المظفّرة، إلّا لما فيه إعزازكم وحمايتكم والجهاد عنكم، وقد تخطّفتكم الأيدي، واستطال عليكم المستدلّ، وأطمعته نفسه بالاقتدار على بلدكم في هذه السنة والتغلّب عليه، وأسر من فيه، والاحتواء على نعمكم وأموالكم حسب ما فعله في غيركم من أهل بلدان المشرق، وتأكّد عزمه واشتدّ كلبه، فعاجله مولانا وسيّدنا أمير المؤمنين صلوات الله عليه بإخراج العساكر المنصورة، وبادره بإنفاذ الجيوش المظفّرة دونكم ومجاهدته عنكم وعن كافّة المسلمين ببلدان المشرق الذين عمّهم الخزي، وشملتهم الذلّة، واكتنفتهم المصائب، وتتابعت لديهم الرزايا، واتّصل عندهم الخوف، وكثرت استغاثتهم، وعظم ضجيجهم، وعلا صراخهم، فلم يغثهم إلّا من أرمضه أمرهم ومضّه حالهم، وأبكى عينه ما نالهم، وأسهرها ما حلّ بهم:

وهو مولانا وسيّدنا أمير المؤمنين، صلوات الله عليه، فرجا، بفضل الله وإحسانه لديه، وما عوّده وأجراه عليه، استنقاذ من أصبح منهم في ذلّ مقيم، وعذاب أليم، وأن يؤمّن من استولى عليه الوهل، ويفرّخ روع من [٣٦٠ ب] لم يزل في خوف ووجل، وآثر إقامة الحجّ الذي تعطّل وأهمل العباد فروضه وحقوقه، من الخوف المستولي عليهم، وإذ لا يأمنون على أنفسهم ولا


(١) جعفر ابن الفرات ابن حنزابة مرّت ترجمته منذ قليل.
(٢) في المخطوط: وأبو.
(٣) في المخطوط: عندكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>