للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ ... ] ثمّ عاد إلى بلاد الروم في سنة ستّ عشرة بأبي إسحاق فأخذ حصنا، وأتى مصر في حرّ شديد (١).

وولّى على مصر عبدويه بن جبلة من الأبناء، وخرج عليه ناس من لخم بالحوف وحاربوه في شعبان، فقاتلهم عيسى بن منصور الرافقيّ والي الحوف فظفر بهم.

[تكليفه الأفشين بقتال ثوّار برقة والصعيد]

ثمّ قدم الأفشين- واسمه خيذر بن كاوس الصغديّ- ومعه عليّ بن عبد العزيز الحبرويّ في ثالث ذي الحجّة فقتله يوم الأضحى، وصرف عبدويه، وخرج إلى برقة، وولّى عيسى بن منصور الرافقيّ، فانتقضت أسفل الأرض كلّها عربها وقبطها في جمادى الأولى سنة ستّ عشرة [ومائتين]، وأخرجوا العمّال وخلعوا الطاعة.

وكان ذلك لسوء سيرة العمّال فيهم، فقدم الأفشين من برقة للنصف من جمادى الآخرة فأقام بالفسطاط لأنّ النيل كان في مدّه.

ثمّ خرج ومعه عيسى بن منصور في شوّال فحاربا القوم بناحية اشليم، وقد عقدوا عليهم لابن عبيدس الفهريّ فهزموا، وأسر منهم كثير، ومضى الأفشين في إثرهم يقتلهم. وبعث عبيد الله بن يزيد بن مزيد فقاتلهم فهزموه إلى الإسكندريّة فحصروه بها. وقاتل طائفة منهم الأفشين بمحلّة أبي الهيثم (٢) فظفر بهم وقتل كبيرهم أبا ثور اللخميّ، ومضى إلى دميرة، فحاربهم في ذي القعدة فظفر بهم. وقاتل عيسى بن منصور أهل تمى وهزمهم، فمضى الأفشين إلى الإسكندريّة

وقاتل بني مدلج بخربتا وهزمهم. ثمّ واقع آخرين وقتل وأسر حتّى دخل الإسكندريّة وقد فرّ منه رؤساء القوم. ثمّ خرج منها إلى أهل البشرود (٣) فواقفهم حتى قدم أمير المؤمنين المأمون، ومعه أخوه الأمير أبو إسحاق لعشر خلون من المحرّم سنة سبع عشرة. فسخط على عيسى بن منصور كما ذكر في ترجمته (٤) وأوقع بأهل الصعيد وبأهل البشرود (٥)، حتى نزلوا على حكم أمير المؤمنين فحكم بقتل الرجال وبيع النساء والأطفال، فقتل الرجال وباع النساء والأطفال [١٧٩ أ] وسبى أكثرهم. وتتبّع أهل الخلاف فقتل كثيرا. ثمّ سار عن مصر لثماني عشرة من صفر وولّى علىمصر كيذر بن نصر (٦).

[[امتحان أهل مصر بخلق القرآن]]

فورد كتاب أبي إسحاق على كيذر بأخذ الناس بالمحنة في جمادى الآخرة سنة ثماني عشرة [ومائتين]، والقاضي يومئذ بمصر هارون بن عبد الله الزهريّ، فأخذ كيذر بذلك فأجاب بخلق القرآن. وأخذ الشهود به فأجابوا، فمن وقف منهم سقطت شهادته. وأخذ بها القضاة والمحدّثون والمؤذّنون. وكان الناس على ذلك إلى أن قام المتوكّل سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، مدّة أربع عشرة سنة.

ثمّ عزل المأمون أخاه أبا إسحاق عن مصر من أجل أنّ يحيى بن أكثم القاضي وشى به.

ولم يزل أبو إسحاق مع أخيه المأمون إلى أن مرض المأمون بالبذنون على طريق طرسوس، فعهد إليه لرؤيا رآها من النبيّ صلّى الله عليه وسلم، وأمر أن تكتب


(١) قراءة تقريبيّة.
(٢) محلّة أبي الهيثم: قال ياقوت: أظنّها بالحوف من ديار مصر.
(٣) البشرود: من كور أسفل الأرض (ياقوت).
(٤) ترجمة عيسى بن منصور مفقودة.
(٥) كلام مطموس هنا لم نفهمه.
(٦) عند الكندي ١٩٣: كيدر هو نصر (بن عبد الله).

<<  <  ج: ص:  >  >>